(17) شرح إعراب سورة الإسراء
  الفراء(١): يجوز أن يكون المعنى إنّ القتل لأنه فعل، والقول الخامس قول أبي عبيد، قال: يكون إنّ القاتل الأول كان منصورا إذا قتل. وهذا أبعدها وأشدّها تعسفا.
  {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً ٣٤}
  {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً} فدخل في هذا كلّ ما أمر الله به لأنه قد عهد إلينا فيه.
  {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً ٣٦}
  {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} فدخل في هذا النهي عن قذف المحصنات وعن القول في الناس بما لا يعلم وعن الكلام في الفقه والدين بالظنّ وأن لا يقول أحد ما لا يحقّه. {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} فدخل في هذا النهي عن الاستماع إلى ما لا يحلّ استماعه وعن الهمّ والعزم بما لا يحلّ النظر إليه، واعلم أن الإنسان مسؤول عن ذلك كلّه، وقال: أولئك في غير الناس لأن كلّ ما يشار إليه وهو متراخ فلك أن تقول فيه: أولئك، كما قال: [الكامل]
  ٢٧٠ - ذمّ المنازل غير منزلة اللّوى ... والعيش بعد أولئك الأيّام(٢)
  {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً ٣٧}
  {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً} أي ذا مرح، وحكى يعقوب القارئ {مَرَحاً}(٣) بكسر الراء على الحال. قال الأخفش: وكسر الراء أجود لأنه اسم الفاعل. قال أبو إسحاق: فتح الراء أجود لأنه فيه معنى التوكيد، كما يقال: جاء فلان ركضا، وجعله مصدرا في موضع الحال. والمرح في اللغة الأشر والبطر ويكون منه التختر والتكبّر. {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} أي لن تبلغ قوتك هذا. {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً} فلا ينبغي أن تتكبّر وتترفّع.
  {كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ٣٨}
  فاحتجّوا بأشياء قد تقدّمت حسان منها {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} ومنها {وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً}، واحتجّ أبو حاتم بقوله «مكروها» ولم يقل مكروهة. قال أبو جعفر: لا يلزم
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ١٢٣.
(٢) الشاهد لجرير في ديوانه ٩٩٠، وتخليص الشواهد ١٢٣، وخزانة الأدب ٥/ ٤٣٠، وشرح التصريح ١/ ١٢٨، وشرح شواهد الشافية ١٦٧، وشرح المفصل ٩/ ١٢٩، ولسان العرب (أولى)، والمقاصد النحوية ١/ ٤٠٨، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ١٣٤، وشرح الأشموني ١/ ٦٣، وشرح ابن عقيل ص ٧٢، والمقتضب ١/ ١٨٥.
(٣) انظر البحر المحيط ٦/ ٣٤.