إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(17) شرح إعراب سورة الإسراء

صفحة 273 - الجزء 2

  من هذه الاحتجاجات شيء لأن الأشياء الحسان تقدّمت في باب الأمر ثم جاء النهي فجاء بعده {كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} لما نهي عنه، وقال مكروها ولم يقل: مكروهة لأنه عائد على لفظ كلّ وهو خبر ثان عن المضمر الذي في كان والمضمر مذكّر.

  {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً ٤٠}

  {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً} مصدر فيه معنى التوكيد {عَظِيماً} من نعته.

  {وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً ٤١}

  قال أبو إسحاق: {وَلَقَدْ صَرَّفْنا} أي ولقد بيّنا. قال: والمعنى {وَما يَزِيدُهُمْ} أي التبيين {إِلَّا نُفُوراً}.

  {قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ٤٢}

  {لَابْتَغَوْا} لطلبوا.

  {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً ٤٣}

  أي تعاليا، كما قال: [الوافر]

  ٢٧١ - وليس بأن تتبّعه اتّباعا⁣(⁣١)

  {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ٤٤}

  {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ} على تأنيث الجماعة ويسبح على تذكير الجميع. {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} قد تكلّم العلماء في معناه فقال بعضهم: هو التسبيح الذي يعرف، وقال بعضهم: هو مخصوص، وقال بعضهم: تسبيحه دلالته على تنزيه الله جلّ وعزّ وتأوّل {وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} على أن مخاطبة للكفار الذين لا يستدلّون، وقيل: ولكن لا تفقهون مخاطبة للناس وإذا كان فيهم من لا يفقه ذلك فلم يفقهوا. {إِنَّهُ كانَ حَلِيماً} أي حليما عن هؤلاء الذين لا يستدلّون. {غَفُوراً} لمن تاب منهم.

  {وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ٤٥}

  قيل: هؤلاء قوم كانوا إذا سمعوا النبي يقرأ بمكة ليستدعي الناس سبّوه


(١) مرّ الشاهد رقم (٧٧).