(17) شرح إعراب سورة الإسراء
  من هذه الاحتجاجات شيء لأن الأشياء الحسان تقدّمت في باب الأمر ثم جاء النهي فجاء بعده {كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} لما نهي عنه، وقال مكروها ولم يقل: مكروهة لأنه عائد على لفظ كلّ وهو خبر ثان عن المضمر الذي في كان والمضمر مذكّر.
  {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً ٤٠}
  {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً} مصدر فيه معنى التوكيد {عَظِيماً} من نعته.
  {وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً ٤١}
  قال أبو إسحاق: {وَلَقَدْ صَرَّفْنا} أي ولقد بيّنا. قال: والمعنى {وَما يَزِيدُهُمْ} أي التبيين {إِلَّا نُفُوراً}.
  {قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ٤٢}
  {لَابْتَغَوْا} لطلبوا.
  {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً ٤٣}
  أي تعاليا، كما قال: [الوافر]
  ٢٧١ - وليس بأن تتبّعه اتّباعا(١)
  {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ٤٤}
  {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ} على تأنيث الجماعة ويسبح على تذكير الجميع. {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} قد تكلّم العلماء في معناه فقال بعضهم: هو التسبيح الذي يعرف، وقال بعضهم: هو مخصوص، وقال بعضهم: تسبيحه دلالته على تنزيه الله جلّ وعزّ وتأوّل {وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} على أن مخاطبة للكفار الذين لا يستدلّون، وقيل: ولكن لا تفقهون مخاطبة للناس وإذا كان فيهم من لا يفقه ذلك فلم يفقهوا. {إِنَّهُ كانَ حَلِيماً} أي حليما عن هؤلاء الذين لا يستدلّون. {غَفُوراً} لمن تاب منهم.
  {وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ٤٥}
  قيل: هؤلاء قوم كانوا إذا سمعوا النبي ﷺ يقرأ بمكة ليستدعي الناس سبّوه
(١) مرّ الشاهد رقم (٧٧).