إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(18) شرح إعراب سورة الكهف

صفحة 296 - الجزء 2

  {أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً ٤١}

  {أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً} التقدير ذا غور، مثل «واسأل القرية» قال الكسائي: يقال: مياه غور وقد غار الماء يغور غوورا، ويجوز الهمز لانضمام الواو وغورا.

  {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً ٤٢}

  {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} اسم ما لم يسمّ فاعله مضمر وهو المصدر، ويجوز أن يكون المخفوض في موضع رفع {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ} في موضع نصب أي منقلبا.

  {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً ٤٣}

  {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ} اسم تكن والخبر {لَهُ}، ويجوز أن يكون {يَنْصُرُونَهُ} الخبر. والوجه الأول عند سيبويه أولى لأنه قد تقدّم له، وأبو العباس يخالفه ويحتج بقول الله جلّ وعزّ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}⁣[الإخلاص: ٤]، وقد أجاز سيبويه الوجه الآخر وأنشد: [الرجز]

  ٢٧٥ - لتقربنّ قربا جلذيّا ... ما دام فيهنّ فصيل حيّا⁣(⁣١)

  وينصرونه على معنى فئة لأن معناها أقوام ولو كان على اللفظ لكان ولم تكن له فئة تنصره كما قال الله جلّ وعزّ: {فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ}⁣[آل عمران: ١٣]. {وَما كانَ مُنْتَصِراً} أي ولم يكن يصل أيضا إلى نصر نفسه.

  {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً ٤٤}

  {هُنالِكَ} قيل: إن هذا التمام فيكون العامل فيه منتصرا. وأحسن من هذا أن يكون «هنالك» مبتدأ أي في تلك الحال تتبيّن نصرة الله جلّ وعزّ وليّه. وقرأ الكوفيون (الولاية)⁣(⁣٢) أي السلطان وهو بعيد جدّا. وفي «الحقّ» ثلاثة أوجه: قرأ أبو عمرو والكسائي (الحقّ) بالرفع نعتا للولاية، وقرأ أهل المدينة وحمزة {الْحَقِ} بالخفض نعتا لله جلّ وعز ذي الحق. قال أبو إسحاق: ويجوز النصب على المصدر والتوكيد كما يقال: هذا لك حقا. {هُوَ خَيْرٌ ثَواباً} على البيان. وفي عقب ثلاثة أوجه: ضم العين


(١) الشاهد لابن ميادة في ديوانه ٢٣٧، والكتاب ١/ ١٠٠، وخزانة الأدب ٤/ ٥٩، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٦٦، وشرح المفصّل ٤/ ٣٣، ولسان العرب (جلذ) وبلا نسبة في سمط اللآلي ص ٥٠١، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٧٧، وشرح المفصّل ٧/ ٩٦، ولسان العرب (دوم) و (هيا)، والمقتضب ٤/ ٩١، ونوادر أبي زيد ص ١٩٤.

(٢) انظر تيسير الداني ١١٧.