(18) شرح إعراب سورة الكهف
  يحيى، قال: المعنى: واتّخذ موسى سبيل الحوت في البحر فعجب عجبا. قال أبو جعفر: وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: موسى ﷺ تتبّع أثر الحوت وتنظّر إلى دورانه في الماء وتعجّب من تغيّبه فيه.
  {قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً ٦٤}
  {قالَ ذلِكَ} مبتدأ {ما كُنَّا نَبْغِ} خبره وحذفت الياء لأنه تمام الكلام فأشبه رؤوس الآيات {فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً} أي رجعا في الطريق الذي جاءا منه يقصّان الأثر قصصا.
  {فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ٦٥ قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ٦٦}
  {فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ} يكون نعتا، ويكون مستأنفا. {وَعَلَّمْناهُ} معطوف عليه. {مِنْ لَدُنَّا} مبنية لأنها لا تتمكن {عِلْماً} مفعول ثان. وقرأ أهل المدينة وأهل الكوفة {رُشْداً}(١) وقرأ أبو عمرو (رشدا)(٢) وهما لغتان بمعنى واحد.
  {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ٦٨}
  مصدر لأن معنى أحطت به وخبرته واحد، ومثله: [الطويل]
  ٢٧٧ - فسرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا ... ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال(٣)
  لأن معنى رضت أذللت.
  {قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ٧٠}
  {قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} أي إن رأيت شيئا تنكره فلا تعجلنّ بسؤالي عنه حتّى أذكره لك.
  {فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ٧١}
  {قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها} وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما ليغرق أهلها(٤) والمعنى واحد. {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً} قيل: إنما قال له موسى ﷺ هذا لأنه لم يعلم أنه نبيّ وأنّ هذا بوحي. وقيل: لا يجوز أن يكون موسى ﷺ صحبه على أن يتعلم منه إلّا وهو نبيّ؛ لأن الأنبياء À لا يتعلمون إلّا من الملائكة أو النبيين ﷺ، وإنما
(١) انظر تيسير الداني ١١٧.
(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ١٤٠، وتيسير الداني ١١٧.
(٣) مرّ الشاهد رقم (٧٨).
(٤) انظر تيسير الداني ١١٨.