إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(19) شرح إعراب سورة مريم

صفحة 9 - الجزء 3

  المفتوحة مصدر والمكسورة اسم، والاسم هاهنا أولى من المصدر، والجهة الأخرى أن المصدر إنما تستعمله العرب هاهنا على فعلان فيقولون: نسيت نسيانا.

  {فَناداها مِنْ تَحْتِها} فأما أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة إلّا الحسن وأبا عمرو النّخعي وعاصما فإنهم قرءوا من تحتها⁣(⁣١) بفتح الميم. فزعم أبو عبيد أن من قرأ «من تحتها» جاز في قراءته أن يكون لجبرائيل ولعيسى #، ومن قرأ «من تحتها» فهو لعيسى خاصّة. قال أبو جعفر: «من» اسم و «تحتها» ظرف ولا يمتنع أن يكون معناه لجبرائيل كما كان في الأول⁣(⁣٢).

  فيه ستّ قراءات: قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم والكسائي {تُساقِطْ} بالتاء وتشديد السين، وقرأ الأعمش وحمزة تساقط بالتاء وتخفيف السين، وقرأ البراء بن عازب يسّاقط بالياء وتشديد السين، وقرأ مسروق بن الأجدع تسقط والقراءتان الباقيتان {تُساقِطْ} ونساقط. قال أبو جعفر: فالقراءة الأولى أصلها تتساقط ثم أدغمت التاء في السين، والثانية على الحذف، والثالثة على الإدغام ولا يجوز معها الحذف. ونصب رطب في هذه القراءات الثلاث على البيان كما قال: [الطويل]

  ٢٨٣ - فلو أنّها نفس تموت سويّة ... ولكنّها نفس تساقط أنفسا⁣(⁣٣)

  وحكى أبو إسحاق عن أبي العباس أنه منصوب بهزّي، والقراءة الرابعة على أن يكون منصوبا بتسقط أو بهزّي، وكذا الخامسة. قال أبو إسحاق: ومن قرأ نساقط أراد: نساقط نحن عليك رطبا جنيّا ليكون ذلك آية. قال أبو جعفر: والرطب يذكّر على معنى الجنس ويؤنث على معنى الجماعة.

  {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً} قال أبو إسحاق: فكلي من الرطب واشربي من الماء.

  قال و {عَيْناً} منصوب على التمييز. قال أبو جعفر: الأصل أأكلي بهمزتين فحذفت


(١) انظر تيسير الداني ١٢١.

(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ١٧٥، وتيسير الداني ١٢١، ومعاني الفراء ٢/ ١٦٦.

(٣) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ١٠٧، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٦٤٨، وشرح المفصّل ٩/ ٨، ولسان العرب (جمع)، وتفسير الطبري ١٣/ ١٥٢، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري ٤٢٣.