إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(19) شرح إعراب سورة مريم

صفحة 16 - الجزء 3

  {لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً} قال الأخفش سعيد: وهذا على الاستثناء الذي ليس من الأول، قال: وإن شئت كان بدلا أي لا يسمعون إلا سلاما. {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا} ظرفان. قال أبو إسحاق: أي يقسم لهم في هذين الوقتين ما يحتاجون إليه في كلّ ساعة. قال الأخفش: أي على مقادير الغداة والعشيّ مما في الدنيا لأنه ليس هناك ليل ولا نهار إنما هو نور العرش.

  قال الأخفش: {لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا} أي قبل أن نخلق {وَما خَلْفَنا} ما يكون بعد الموت. {وَما بَيْنَ ذلِكَ} مذ خلقنا.

  {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ} الأصل اصتبر فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما فأبدل من التاء طاء، كما تقول من الصوم: اصطام.

  قرأ أهل الكوفة إلا عاصما وأهل مكة وأبو عمرو وأبو جعفر أولا يذكر الإنسان⁣(⁣١) وقرأ شعبة ونافع وعاصم {أَوَلا يَذْكُرُ} بالتخفيف، وفي حرف أبيّ أولا يتذكّر وهذه القراءة على التفسير لأنها مخالفة لخطّ المصحف؛ لأن الأصل في يذّكّر يتذكر فأدغمت التاء في الذال. ومعنى يتذكّر: يتفكّر، ومعنى يذكر يتنبّه ويعلم.

  {فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ} عطف على الهاء والميم والشياطين الذين أغووهم {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا}⁣(⁣٢) نصب على الحال. والأصل جثوّ أبدل من الواو ياء؛ لأنها ظرف، والجمع بابه التغيير. ومن قال: جثيّ أتبع الكسرة الكسرة.

  وهذه آية مشكلة في الإعراب لأن القراء كلّهم يقرءون {أَيُّهُمْ} بالرفع إلّا


(١) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤١٠، والبحر المحيط ٦/ ١٩٥، وهذه قراءة أبي بحرية والحسن وشيبة وابن أبي ليلى وابن مناذر وأبي حاتم.

(٢) انظر تيسير الداني ١٢١.