إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(21) شرح إعراب سورة الأنبياء

صفحة 47 - الجزء 3

  {ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ} أي بإنجائهم ونصرهم، وإهلاك مكذّبيهم.

  {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} رفع بالابتداء والجملة في موضع نصب لأنها نعت لكتاب ثم نبّههم بالاستفهام الذي معناه التوقيف فقال جلّ وعزّ: {أَفَلا تَعْقِلُونَ}.

  {وَكَمْ قَصَمْنا} «كم» في موضع نصب بقصمنا {مِنْ قَرْيَةٍ} لو حذفت «من» لجاز الخفض لأن «كم» هاهنا للخبر، والعرب تقول: «كم قرية قد دخلتها». فتخفض. وفيه تقديران: أحدهما أن تكون «كم» بمنزلة ثلاثة من العدد، والفراء⁣(⁣١) يقول بإضمار «من» فإذا فرقت جاز الخفض والنصب، وأنشد النحويون: [السريع]

  ٣٠٠ - كم بجود مقرفا نال العلى ... وكريما بخله قد وضعه⁣(⁣٢)

  وأجود اللّغات فيه إذا فرقت أن تأتي بمن، وبها جاء القرآن في هذا الموضع وغيره.

  {قالُوا يا وَيْلَنا} نداء مضاف.

  {فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ} «تلك» في موضع رفع إن جعلت دعواهم خبرا، وفي موضع نصب إن جعلت دعواهم الاسم.

  أي: ما خلقنا السماء والأرض ليظلم الناس بعضا ويكفر بعضهم ويخالف بعضهم ما أمر به ثم يموتوا فلا يجازوا بأفعالهم، ولا يؤمروا في الدنيا بحسن، ولا ينهوا عن قبيح. وهذا اللعب المنفي عن الحكيم وضدّ الحكمة.

  {لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا} لأنهم نسبوا إلى الله جلّ وعزّ الولد، والصاحبة. فالمعنى: لو أردنا أن نتّخذ ولدا أو صاحبة لما اتّخذناه من البشر الذين


(١) انظر معاني الفراء ١/ ١٢٥.

(٢) مرّ الشاهد رقم (٤٥).