(21) شرح إعراب سورة الأنبياء
  وربّما أنكر هذا من لا يعرف اللغة، وهذا قول صحيح والمعنى مغاضبا من أجل ربه، كما تقول: غضبت لك أي من أجلك. والمؤمن يغضب لله جلّ وعزّ إذا عصي. وأكثر أهل اللغة يذهب إلى أن قول النبيّ ﷺ لعائشة ^: «اشترطي لهم الولاء» من هذا. وقال الضحاك: {إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً} أي لقومه فيكون معنى هذا أنه غاضبهم لعصيانهم. وقال الأخفش: إنّما غاضب بعض الملوك. وقرأ الحسن فظنّ أن لن يقدر عليه(١) وقرأ يعقوب القارئ فظنّ أن لن يقدر عليه(٢).
  {وَزَكَرِيَّا} بمعنى واذكر.
  وقد ذكرنا أنّ معنى {وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} أنها كانت سيئة الخلق، وقال سعيد بن جبير: إنها كانت لا تلد. قال أبو إسحاق: {وَيَدْعُونَنا رَغَباً} على أنه مصدر ورغبا بخلاف، ورغبا مثل بخلا.
  {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها} في موضع نصب بمعنى واذكر {وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ} ولم يقل: آيتين. قال أبو إسحاق: لأن الآية فيهما واحدة لأنها ولدته من غير فحل. وعلى مذهب سيبويه أنّ التقدير: وجعلناها آية للعالمين، وجعلنا ابنها آية للعالمين ثم حذف، وعلى مذهب محمد بن يزيد أن المعنى وجعلناها آية للعالمين وابنها مثل {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}[التوبة: ٦٢]. وفي قصة ذي النون حرف مشكل الإعراب على قراءة عاصم. وكذلك نجّي المؤمنين(٣) بنون واحدة لأنها في المصحف كذا. وتكلم النحويون في هذا فقال بعضهم: هو لحن لأنه نصب اسم ما لم يسم فاعله. وكان أبو إسحاق يذهب إلى هذا القول. وذهب الفراء(٤) وأبو عبيد إلى أنّ المعنى: وكذلك نجّي النجاء المؤمنين. قال أبو إسحاق: هذا خطأ لا يجوز ضرب زيدا. المعنى الضرب زيدا؛ لأنه لا فائدة فيه إذ كان ضرب يدلّ على الضرب، ولأبي
(١) انظر البحر المحيط ٦/ ٣١١.
(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ٣١١.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٢١٠، وكتاب السبعة لابن مجاهد.
(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ٢١٠.