إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(22) شرح إعراب سورة الحج

صفحة 61 - الجزء 3

  {مِنَ} في موضع رفع بالابتداء، ويجادل على اللفظ، ويجوز في غير القرآن يجادلون على المعنى. {وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ} يقال: مريد ومارد للمتجاوز في الشرّ القويّ فيه، وصخرة مرداء أي ملساء، ومنه قيل: أمرد.

  {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} (أن) في موضع رفع {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} عطف عليه ومذهب سيبويه أنّ «أنّ» الثانية مكررة للتوكيد، وأن المعنى: كتب عليه أنه من تولّاه يضلّه. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: التقدير: كتب عليه أنه من تولّاه فالواجب أن يضلّه بفتح الهمز، ومن زعم أنّ «أنّ» في موضع رفع بالابتداء فقد أخطأ، لأنّ سيبويه منع أن يبتدأ بأنّ المفتوحة، وأجاز سيبويه {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} بكسر الهمزة لأن الفاء جواب للشرط فسبيل ما بعدها أن يكون مبتدأ، والابتداء بأن يكون مكسورا. {وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ} مجاز لمّا كان يأمره بما يؤديه إلى النار قام ذلك مقام الهداية إليها.

  {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} وحكى النحويون: من البعث، وأجاز الكوفيون في كلّ ما كان ثانية حرفا من حروف الحلق أن تسكّن وتفتح نحو نعل، ونعل وبخل وبخل. قال أبو إسحاق: هذا خطأ وإنما يرجع في هذا إلى اللغة فيقال: لفلان عليّ وعد ولا يقال: وعد، ولا فرق بين حروف الحلق وغيرها في هذا، وإنما هذا مثل قدر وقدر. قال أبو عبيد: العلقة الدمّ إذا اشتدّت حمرته. قال الكسائي: ويجوز {مُخَلَّقَةٍ}⁣(⁣١) بالنصب {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} على الفعل والقطع. {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} أي لنبيّن لكم قدرتنا على تصويرنا ما نشاء. وروى أبو حاتم عن أبي زيد عن المفضل عن عاصم {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ}⁣(⁣٢) {فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ} بالنصب. {إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً}.

  قال أبو حاتم: النصب على العطف. قال أبو إسحاق: {وَنُقِرُّ}⁣(⁣٣) بالرفع لا غير؛ لأنه


(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٢١٥، نصب على الحال.

(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ٣٢٧.

(٣) انظر البحر المحيط ٦/ ٣٢٧.