إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(31) شرح إعراب سورة لقمان

صفحة 196 - الجزء 3

  {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} وذلك من نعم الله جلّ وعزّ على بني آدم فالأشياء كلّها مسخرة لهم من شمس وقمر ونجوم وملائكة تحوطهم، وتجرّ إليهم منافعهم، ومن سماء وما فيهما لا يحصى {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً} على الحالومن قرأ نعمة ظاهرة وباطنة⁣(⁣١) جعله نعتا، وهي قراءة ابن عباس من وجوه صحاح مروية وفسرها: الإسلام؛ وشرح هذا أنّ سعيد بن جبير قال في قوله جلّ وعزّ:

  {وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ}⁣[المائدة: ٦] قال: يدخلكم الجنة وتمام نعمة الله على العبد أن يدخله الجنة فكذا لمّا كان الإسلام يؤول أمره إلى الجنة سمّي نعمة، وعن ابن عباس قال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} قال: هو النّضر بن الحارث.

  {أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ} أي أولو كان كذا يتّبعونه على التوبيخ.

  {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ} وقراءة أبي عبد الرحمن السلمي {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ}. قال: «يسلم» في هذا أعرف، كما قال جلّ وعزّ: {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} ومعنى «أسلمت وجهي لله» قصدت بعبادتي إلى الله وأقررت أنه لا إله غيره، ويجوز أن يكون التقدير: ومن يسلم نفسه إلى الله مثل {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨] معناه إلّا إياه. ويكون يسلّم على التكثير إلّا أنّ المستعمل في سلّمت أنه بمعنى دفعت يقال: سلّمت في الحنطة وقد يقال: أسلمت. وروى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله جلّ وعزّ: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى} قال: لا إله إلا الله.

  {وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} «أنّ» في موضع رفع، والتقدير ولو وقع هذا و «أقلام» خبر أن. {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} مرفوع من جهتين: إحداهما العطف على الموضع،


(١) انظر تيسير الداني ١٤٣، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥١٣.