(31) شرح إعراب سورة لقمان
  والأخرى أن يكون في موضع الحال. وقرأ أبو عمرو وابن أبي إسحاق {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ}(١)
  بالنصب على اللفظ. وحكى يونس عن ابن أبي عمرو بن العلاء قال: ما أعرف للرفع وجها إلّا أن يجعل البحر أقلاما وأبو عبيد يختار الرفع لكثرة من قرأ به إلا أنه قال: يلزم من قرأ بالرفع أن يقرأ و {كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}[المائدة: ٤٥]. قال أبو جعفر:
  هذا مخالف لذاك عند سيبويه، قال سيبويه(٢): أي والبحر هذا أمره يجعل الواو تؤدّي عن الحال، وليس هذا في {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (يمدّه)، وحكي «يمدّه» على أنهما لغتان بمعنى واحد، وحكي التفريق بين اللغتين وأنّه يقال فيما كان يزيد في الشيء مدّة يمدّه كما تقول: مدّ النيل الخليج، أي زاد فيه، وأمدّ الله جلّ وعزّ الخليج بالنيل. وهذا أحسن القولين، وهو مذهب الفراء(٣)، ويجوز تمدّه. {مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} على تأنيث السبعة. {ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ} قال قتادة: قالوا: إنّ ما جاء به محمد ﷺ سينفد فأنزل الله جلّ وعزّ يعني هذا.
  {ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ} قال الضحاك: أي ما ابتداء خلقكم جميعا إلّا كخلق نفس واحدة، وما بعثكم يوم القيامة إلّا كبعث نفس واحدة. قال أبو جعفر:
  وهكذا قدّره النحويون بمعنى إلّا كخلق نفس واحدة مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}.
  {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ} عن ابن مسعود أنه قال: قصر نهار الشتاء في طول ليله، وقصر ليل الصيف في طول نهاره.
  {وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} لأن سبيل الموج إذا اشتدّ أن يرتفع. قال الفراء: يعني بالظّلل السحاب. قال الخليل وسيبويه رحمهما الله في قاض وجاز: يوقف عليهما بغير تاء، وعلتهما في ذلك أن يعرف أنه في الوصل كذلك وكان القياس أن يوقف عليهما بالياء لأن التنوين يزول في الوقف، وحكى يونس أن بعض العرب الموثوق بلغتهم يقف بالياء فيقول: جاءني قاضي وجازي.
(١) انظر تيسير الداني ١٤٣، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥١٣.
(٢) انظر الكتاب ٢/ ١٤٥.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٢٩.