(34) شرح إعراب سورة سبأ
  وأنشد سيبويه: [الرجز]
  ٣٤٧ - فنام ليلي وتجلّى همّي(١)
  أي نمت فيه، وروى جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} قال ممرّ اللّيل والنّهار عليهم فغفلوا، وقرأ راشد {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}(٢) بالنصب كما يقال: رأيته مقدم الحاج، وإنما يجوز هذا فيما يعرف، ولو قلت: رأيته مقدم زيد لم يجز {إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً} قال: ويقال: نديد وأنشد:
  [الوافر]
  ٣٤٨ - أتيما تجعلون إليّ ندّا ... وما تيم لذي حسب نديد(٣)
  {وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ} في معناه قولان: أحدهما أن معنى أسروا أظهروا وأنه من الأضداد، كما قال: [الطويل]
  ٣٤٩ - تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا ... عليّ حراصا لو يسرّون مقتلي(٤)
  وقد روي يشرّون. وقيل وأسرّوا الندامة تبيّنت الندامة في أسرار وجوههم.
  وقيل: الندامة لا تظهر وإنما تكون في القلب وإنما يظهر ما يتولّد عنها.
  {إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها} قال سعيد عن قتادة: مترفوها جبابرتها ورؤوسها وقادة الشر.
  أحسن ما قيل في هذا قاله الحسن، قال: يخير له والمعنى على قوله {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أن الله جلّ وعزّ إنما يبسط الرزق لمن يشاء، ويقدر على المحنة ويفعل بهم الذي هو خير لهم.
(١) الرجز لرؤبة في ديوانه ١٤٢، والمحتسب ٢/ ١٨٤ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨/ ٢٠٢، والمقتضب ٣/ ١٠٥.
(٢) وهذه قراءة ابن جبير وطلحة أيضا، انظر البحر المحيط ٧/ ٢٧١، ومختصر ابن خالويه ١٢٢.
(٣) مرّ الشاهد رقم (٢٣٧).
(٤) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ١٣، وجمهرة اللغة ٧٣٦، وخزانة الأدب ١١/ ٢٣٨، وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٥١، ولسان العرب (شرر)، ومغني اللبيب ١/ ٢٦٥، وبلا نسبة في رصف المباني ٢٩٢.