(35) شرح إعراب سورة فاطر
  الأصداف التي قال فيها الحلية من الدرّ وغيره، ومن المواضع التي فيها العذب والملح نحو العيون وقال محمد بن يزيد قولا ثالثا هو أحسنها قال: إنما تستخرج الحلية من الملح خاصة، وليس هذا عنده لأنهما مختلطان ولكن جمعا ثم خبّر عن أحدهما كما قال جلّ وعزّ {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}[يونس: ٦٧] وكما تقول: لو رأيت الحسن والحجّاج لرأيت خيرا وشرا، وكما تقول: لو رأيت الأصمعيّ وسيبويه لملأت يدك لغة ونحوا، فقد عرف معنى هذا، وهو كلام فيصيح كثير فكذا. {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها} فاجتمع في الأول وانفرد الملح بالثاني فصارا مجتمعين في كل هذا. قال: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ} أي في الملح خاصة، ولو لا ذلك لقال: فيهما وقد مخرت السفينة تمخر وتمخر إذا شقّت الماء، كما قال طرفة: [الطويل]
  ٣٥٤ - يشقّ حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم التّرب المفايل باليد(١)
  وقيل: الأجل المسمّى هاهنا القيامة لأنها عند الله جلّ وعزّ مسمّاة لوقت معلوم {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: القطمير جلد النواة.
  {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ} شرط ومجازاة. {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ} فيه معنى الأول وإن كانت لو لا يجازى بها. قال قتادة {مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ} ما تبعوكم ولا قبلوا منكم. {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}. قال أبو إسحاق: أي يقولون: ما كانوا إيّانا يعبدون. {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} قال قتادة: الله جلّ وعزّ أخبر أنه يكون هذا منكم يوم القيامة.
  {يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ} بتخفيف الهمزة الثانية أجود الوجوه عند الخليل | ويجوز تخفيف الأولى وحذفها وتخفيفها جميعا وتحقيقهما جميعا. {وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} تكون «هو» زائدة فلا يكون لها موضع من الإعراب، وتكون مبتدأة فيكون موضعها رفعا.
(١) الشاهد لطرفة بن العبد في ديوانه ٢٠، ولسان العرب (حبب) و (فيل)، وكتاب العين ٣/ ٣٢، ومقاييس اللغة ٢/ ٢٨، والمخصّص ٩/ ١٤٩، وتهذيب اللغة ٤/ ١٠، وتاج العروس (فأل)، و (حبب) و (فيل).