(35) شرح إعراب سورة فاطر
  {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} شرط ومجازاة وفيه حذف تستعمله العرب كثيرا. والتقدير:
  إن يشأ أن يذهبكم يذهبكم وحذفت من «يشأ» الضمة التي كانت على الهمزة فلما سكنت حذفت الألف التي قبلها. {وَيَأْتِ} معطوف على يذهبكم.
  {وَلا تَزِرُ} مقطوع مما قبله والأصل توزر حذفت الواو اتباعا ليزر. {وازِرَةٌ} نعت لمحذوف أي نفس وازرة، وكذا {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} قال الفراء(١): أي نفس مثقلة أو دابة قال: وهذا يقع للمذكّر والمؤنث. قال الأخفش: أي وإن تدع مثقلة إنسانا {إِلى حِمْلِها} والحمل ما كان على الظهر، وحمل المرأة وحمل النخلة حكاهما الكسائي بالفتح لا غير، وحكى ابن السكيت: إنّ حمل النخلة يفتح ويكسر {وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى} التقدير على قول الأخفش ولو كان الإنسان المدعو ذا قربى، وأجاز الفراء(٢): ولو كان ذو قربى قال أبو جعفر: وهذا جائز عند سيبويه، ومثله {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] وتكون «كان» بمعنى وقع أو يكون الخبر محذوفا أي وإن كان فيمن تطلبون ذو عسرة، وحكى سيبويه: الناس مجزيّون بأعمالهم إن خير فخير، على هذا، وإن خيرا فخيرا، على الأول وحكى الحكم بن أبان عن عكرمة أنه قال: بلغني أنّ اليهوديّ والنصراني يرى الرجل المسلم يوم القيامة فيقول له: ألم أكن قد أسديت إليك يدا ألم أكن قد أحسنت إليك فيقول: بلى فيقول: انفعني فلا يزال المسلم ينقص من عذابه، وأن الرجل ليأتي إلى أبيه يوم القيامة فيقول: ألم أكن بك بارا وعليك مشفقا وإليك محسنا، وأنت ترى ما أنا فيه فهب لي حسنة من حسناتك أو تحمل عني سيئة فيقول: إن الذي سألتني يسير ولكني أخاف مثل ما تخاف، وإن الأب ليقول لابنه مثل ذلك فيردّ عليه نحوا من هذا، وإن الرجل ليقول لزوجته: ألم أكن حسن العشرة لك فتحملي عني خطيئة لعلي أنجو فتقول: إنّ ذلك ليسير ولكنّي أخاف مما تخاف منه ثم تلا عكرمة {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى. إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} وهو ينذر الخلق كلهم فخصّ الذين يخشون ربّهم لأنهم الذين ينتفعون بالنذارة.
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٦٨.
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٦٨.