إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(35) شرح إعراب سورة فاطر

صفحة 254 - الجزء 3

  {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} مبتدأ والخبر {لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ} ويجوز أن يكون الخبر {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}⁣(⁣١) وحذفت النون؛ لأنه جواب النفي. وقرأ الحسن يقضى عليهم فيموتون على العطف قال الكسائي {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}⁣[المرسلات: ٣٦] بالنون في المصحف لأنه رأس آية، و {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} بغير نون لأنه ليس برأس آية ويجوز في كلّ واحد منهما ما جاز في صاحبه.

  {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها} الطاء مبدلة من تاء لأن الطاء بالصاد أشبه لأنهما مطبقتان، ويقال: اصطرخ إذا استغاث {رَبَّنا أَخْرِجْنا} أي يقولون {نَعْمَلْ صالِحاً} جواب المسألة أي إن أخرجتنا عملنا صالحا غير الذي كنا نعمل {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} أي فيقال لهم، وروى أبو هريرة عن النبيّ : «من عمّر ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر»⁣(⁣٢)، وكذلك روى سهل بن سعد عن النبيّ مثل معناه وقال ابن عباس في قوله جلّ وعزّ: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} قال ستين سنة. {وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ} أي المنذر وفي فعيل معنى المبالغة. قيل: يعني به النبي ، وقيل: هو من أنذرهم، وقيل: يعني به الشيب والله جلّ وعزّ أعلم.

  إذا كان بغير تنوين صلح أن يكون للماضي والمستقبل والحال، وإذا كان منونا لم يجز أن يكون للماضي.

  {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ} جمع خليفة أي تخلفون من كان قبلكم وفي هذا معنى التنبيه والاعتبار أي فتحذرون أن تنزل بكم العقوبة، كما نزلت بمن كان قبلكم {فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢] أي عقوبة كفره.


(١) وهذه قراءة عيسى أيضا، انظر البحر المحيط ٧: ٣٠١، والمحتسب ٢/ ٢٠١.

(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٤٠٥ والمتقي في كنز العمال (٤٢٦٦٨)، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٢٥٨.