إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(36) شرح إعراب سورة يس

صفحة 261 - الجزء 3

  {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} قيل: المعنى لا يكترثون بذلك ولا يعبئون به ولا يؤمنون.

  قال ابن عباس: فما آمن منهم أحد.

  {إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ} أي إنّما ينتفع بالإنذار. قال أبو إسحاق: ومعنى {وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} خاف الله جلّ وعزّ من حيث لا يراه أحد إلّا الله ø.

  {فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} قال الضحاك عن ابن عباس في معنى كريم: أي حسن، وقيل: يراد به الجنة والله جلّ وعزّ أعلم.

  الأصل في {إِنَّا} إنّنا حذفت النون لاجتماع النونات {نُحْيِ} حذفت منه الضمة لثقلها، ولا يجوز إدغام الياء في الياء هاهنا لئلّا يلتقي ساكنان. {وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ} أي ذكر ما قدّموا، وأقيم المضاف إليه مقام المضاف، وتأوله ابن عباس بمعنى خطاهم إلى المساجد. وهو أولى ما قيل فيه؛ لأنه قال: إنّ الآية نزلت في ذلك لأن الأنصار كانت منازلهم بعيدة من المسجد. وفي حديث عمرو بن الحارث عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر عن النبيّ قال: «يكتب له برجل حسنة، ويحطّ عنه برجل سيئة ذاهبا وراجعا إذا خرج إلى المسجد»⁣(⁣١) وتأوّله غير ابن عباس «ونكتب ما قدّموا وآثارهم» يعني نكتب ما قدّموا من خير وما سنّوا من سنة حسنة يعمل بها بعدهم. وواحد الآثار:

  أثر، ويقال: إثر. {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ} منصوب على إضمار فعل، ويجوز رفعه بالابتداء إلّا أنّ نصبه أولى ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل. وهذا قول الخليل وسيبويه رحمهما الله. قال مجاهد: {فِي إِمامٍ مُبِينٍ} في اللوح المحفوظ.

  {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ} قال أبو إسحاق: أي اذكر لهم مثلا، والضرب هو المثال والجنس، يقال: هذا من ضرب هذا، أي من مثال هذا وجنسه والمعنى: ومثّل لهم مثلا. {أَصْحابَ الْقَرْيَةِ} بدل من مثل فالمعنى مثل أصحاب القرية. {إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} أي جاء أهلها المرسلون.


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه - المساجد ١/ ٢٥٤، والترمذي في سننه ٣/ ٨٣، وأحمد في مسنده ٤/ ١٥٦.