(38) شرح إعراب سورة ص
  مرّة»(١) ويقال: آب يؤوب إذا رجع، كما قال: [مخلع البسيط]
  ٣٧٩ - وكلّ ذي غيبة يؤوب ... وغائب الموت لا يؤوب(٢)
  {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ} في موضع نصب على الحال. ويروى أنها كانت تجيبه بالتسبيح، وقيل: سخّرها الله جلّ وعزّ لتسير معه فذلك تسبيحها؛ لأنها دالّة على تنزيه الله جلّ وعزّ عن شبه المخلوقين. {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ} من أشرقت الشمس إذا أضاءت وصفت. وعن ابن عباس قال: صلاة الضحى مذكورة في كتاب الله جلّ وعزّ، وقرأ «يسبّحن بالعشيّ والإشراق».
  {إِنَّا سَخَّرْنَا} معطوف على الجبال. قال الفراء(٣): ولو قرئ (والطّير محشورة) لجاز لأنه لم يظهر الفعل، وكذا لو قرئ (وشددنا ملكه) {وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ} فعولان {وَفَصْلَ الْخِطابِ} معطوف عليه.
  {وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} وبعده {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ} لأنّ الخصم يؤدّي عن الجمع وهو مصدر في الأصل من خصمته خصما. وحقيقته في العربية إذا قلت: القوم خصم له، معناه ذوو خصم ثم أقمت المضاف إليه مقام المضاف، وقد يقال: خصوم كما يقال: عدول.
  {إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ} فجاءت إذ مرتين لأنهما فعلان، وزعم الفراء(٤) إحداهما بمعنى «لمّا». وقول آخر أن تكون الثانية وما بعدها تبيينا لما قبلها. {قالُوا لا تَخَفْ} حذفت الضمة من الفاء للجزم، وحذفت الألف المنقلبة من الواو لئلا يلتقي ساكنان {خَصْمانِ} وقبل هذا {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ} لأن اثنين جمع. قال الخليل |:
  كما تقول: نحن فعلنا، إذا كنتما اثنين، وقال الكسائي: جمع لما كان خبرا فلما انقضى
(١) أخرجه أبو داود في سننه - الصلاة رقم الحديث (١٥١٥)، وابن ماجة في سننه الحديث رقم (٣٨١٥).
(٢) الشاهد لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٦، ولسان العرب (أوب)، وتهذيب اللغة ١٥/ ٦٠٨، ومقاييس اللغة ١/ ١٥٣.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٤٠١.
(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ٤٠١.