إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(39) شرح إعراب سورة الزمر

صفحة 15 - الجزء 4

  {بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ٥٩}

  {بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي} بفتح الكاف، والنفس مؤنّثة لأن المعنى للمذكر، وقرأ⁣(⁣١) عاصم الجحدري بالكسر على تأنيث النفس والقراءة بالكسر تروى عن النبيّ .

  {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ ٦٠}

  {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} مبتدأ وخبره في موضع نصب، ويجوز النصب على أن تكون وجوههم بدلا من الذين. {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ} وبيّن رسول الله معنى الكبر فقال: الكبر سفه الحقّ وغمس الناس أي احتقارهم. وفي حديث عبد الله بن عمر عن النبيّ : «يحشر المتكبّرون يوم القيامة كهيئة الذّرّ يلحقهم الصّغار حتّى يؤتى بهم إلى سجن في جهنّم»⁣(⁣٢).

  {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦١}

  {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦١} {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ} هذه قراءة أكثر الناس على التوحيد لأنها مصدر. وقرأ الكوفيون (بمفازاتهم)⁣(⁣٣) وهو جائز كما تقول: بسعاداتهم وعن النبيّ تفسير هذه الآية من حديث أبي هريرة قال: «يحشر الله جلّ وعزّ مع كلّ امرئ عمله فيكون عمل المؤمن معه في أحسن صورة فكلّما كان رعب أو خوف قال له: لا ترع فما أنت بالمراد به، ولا أنت بالمعنيّ به فإذا كثر ذلك عليه قال له: ما أحسنك فمن أنت؟ فيقول، أما تعرفني أنا عملك الصالح حملتني على ثقلي فو الله لأحملنّك اليوم ولأدفعنّ عنك فهي التي قال: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}»⁣(⁣٤).

  {اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ٦٢}

  أي هو حافظه والقائم به.

  {لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ٦٣}

  {لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} واحدها مقليد وأكثر ما يستعمل فيه إقليد {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ} مبتدأ {أُولئِكَ هُمُ} مبتدأ ثان: {الْخاسِرُونَ} خبر الثاني «وهم» فاصلة، ويجوز أن يكون «أولئك» بدلا من الذين و «هم» مبتدأ و «الخاسرون» خبره والجملة خبر الذين.


(١) انظر البحر المحيط ٧/ ٤١٩.

(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ١٧٨، والترمذي رقم الحديث (٢٤٩٢)، والمنذري في الترغيب والترهيب ٤/ ٣٨٨ انظر رقم ١٩ والزبيدي في إتحاف السادة المتّقين ١/ ٣٠٩.

(٣) انظر البحر المحيط ٧/ ٤٢٠.

(٤) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٢٧٤.