(40) شرح إعراب سورة الطول (غافر)
  {لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ ٤٣}
  {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} قال أبو إسحاق: أي ليس له استجابة دعوة تنفع، وقال غيره: ليس له دعوة توجب له الألوهة في الدنيا وفي الآخرة.
  {فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ٤٤ فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ ٤٥}
  {فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ} أي في الآخرة. {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ} قيل: هذا يدلّ على أنهم أرادوا قتله. قال الكسائي: يقال: حاق يحيق حيقا وحيوقا إذا نزل ولزم.
  {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ٤٦}
  {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها} فيه ستة أوجه تكون النار بدلا من سوء، ويكون بمعنى هو النار، وتكون بالابتداء، وقال الفرّاء(١): تكون مرفوعة بالعائد فهذه أربعة أوجه وأجاز الفرّاء النصب لأن بعدها عائدا وقبلها ما تتّصل به وأجاز الأخفش: الخفض على البدل من العذاب، واحتجّ بعض أهل اللغة في تثبيت عذاب القبر بقوله جلّ وعزّ: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا} قال فهذا في الدنيا، وفي الحديث عن ابن مسعود قال: «إن أرواح ال فرعون ومن كان مثلهم من الكفار يعرضون على النار بالغداة والعشيّ فيقال هذه داركم»(٢) وفي حديث صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ «إنّ الكافر إذا مات عرض على النار بالغداة والعشيّ ثم تلا {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا} وإن المؤمن إذا مات عرضت روحه على الجنة بالغداة والعشي»(٣). قال الفرّاء(٤): في الغداة والعشيّ أي بمقادير ذلك في الدنيا. قال أبو جعفر: غدوّ مصدر جعل ظرفا على السعة {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} نصبت يوما بقوله {أَدْخِلُوا}(٥) وقراءة الحسن وأبي الحسن وأبي عمرو وعاصم ادخلوا آل فرعون أشد العذاب تنصب ال فرعون في هذه القراءة على النداء المضاف ومن قرأ أدخلوا ال فرعون نصبهم بوقوع الفعل عليهم و {آلَ فِرْعَوْنَ} من كان على دينه وعلى مذهبه وإذا كان من كان على دينه
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٩.
(٢) انظر الطبري ٢٤/ ٤٦، وتفسير عبد الرزاق ٣/ ١٩٢، والبغوي ٤/ ٩٩، وابن كثير ٤/ ٨٢، والدر المنثور ٥/ ٣٥٢.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ٢٤٣، ومسلم في صحيحه ٤/ ٢١٩٩.
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٩.
(٥) انظر تيسير الداني ١٥٥.