إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(41) شرح إعراب سورة السجدة (فصلت)

صفحة 36 - الجزء 4

  الجنّ والإنس والملائكة، وهذا من أحسن ما قيل في معناه لأن سبيل ما يجمع بالواو والنون والياء والنون أن يكون لما يعقل فهذا للملائكة والإنس والجن.

  {وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ ١٠}

  {وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها} قال كعب: مادت الأرض فخلق الله فيها الجبال يوم الثلاثاء، وخلق الرياح والماء الملح، وخلق من الملح العذب، وخلق الوحش والطير والهوام وغير ذلك يوم الأربعاء. قال أبو جعفر: واحد الرواسي راسية، ويقال: واحد الرواسي راس. وقيل للجبال: رواس لثباتها على الأرض. {وَبارَكَ فِيها} أي زاد فيها من صنوف ما خلق من الأرزاق وثبتها فيها والبركة: الخير الثابت {وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها} قال عكرمة: جعل في كلّ بلد ما يقوم به معيشة أهله فالسابري بسابور، والهروي بهراة، والقراطيس بمصر. {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} قال محمد بن يزيد: أي ذا وذاك في أربعة أيام. وقال أبو إسحاق: أي في تمام أربعة أيام. {سَواءً} مصدر عند سيبويه أي استوت استواء. قال سيبويه: وقد قرئ {سَواءً لِلسَّائِلِينَ} جعل سواء في موضع مستويات، كما تقول: في أربعة أيام تمام أي تامة، ومثله: رجل عدل أي عادل وسواء من نعت أيام، وإن شئت من نعت أربعة. والقراءة بالخفض مرويّة عن الحسن، وبالرفع عن أبي جعفر أي هي سواء. {لِلسَّائِلِينَ} فيه قولان: قال الضحاك: أي لمن سأل عن خلق هذا في كم كان هذا؟ والقول الآخر وقدّر فيها أقواتها للسائلين أي لجميع الخلق لأنّهم يسألون القوت.

  {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ١١}

  {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ} قالوا: في يوم الخميس {فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} وعن سعيد بن جبير أنه قرأ {ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} أي أعطيا الطاعة. وقرأ {قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}⁣(⁣١) ولم يقل: طائعات ففي هذا ثلاثة أجوبة للكسائي قال: يكون أتينا بمن فينا طائعين يكون لما خبّر عنهن بالإتيان أجرى عليهن ما يجري على من يعقل من الذكور، والجواب الثالث أنه رأس آية.

  {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ١٢}

  {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} على قول من أنّث السماء، ومن ذكّر قال: سبعة سموات فأما قول بعض أهل اللغة أنه ما جمع بالتاء فهو بغير هاء، وإن كان الواحد


(١) انظر البحر المحيط ٧/ ٤٦٦، ومختصر ابن خالويه ١٣٣.