(42) شرح إعراب سورة حم عسق (الشورى)
  على المجاز سمّيت سيّئة لأنها مجازاة على الأولى ليعلم أنه يقتصّ بمثل ما نيل منه {فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} أي فلم يقتصّ فثوابه على الله جلّ وعزّ، كما روى الحسن ومحمد بن المنكدر وعطاء ومحمد يقول: أن رسول الله ﷺ قال: «ينادي مناد يوم القيامة أين من له وعد على الله ø؟ فليقم، فيقوم من عفا»(١) وقرأ عطاء {فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ}.
  {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ٤١}
  {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} مبتدأ {فَأُولئِكَ} مبتدأ أيضا، والجملة خبر الأول.
  {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ٤٢}
  {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} أي سبيل العقوبة.
  {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ٤٣}
  أي من أعاليها وأجلّها أن يعفو ويصفح ويتوقّى الشبهات وإن لم تكن محظورة ورعا وطلبا لرضاء الله ø فهذه معالي الأمور، وهي من عزم الأمور أي التي يعزم عليها الورعون المتّقون. قال أبو جعفر: وفي إشكال من جهة العربية وهو أنّ «لمن صبر وغفر» مبتدأ ولا خبر له في اللفظ فالقول فيه: إن فيه حذفا، والتقدير: ولمن صبر وعفا أنّ ذلك منه لمن عزم الأمور، ومثل هذا في كلام العرب كثير موجود، حكاه سيبويه وغيره: مررت ببرّ قفيز بدرهم أي قفيز منه، ويقال: السّمن منوان بدرهم بمعنى منه.
  {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ٤٤}
  {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} أي من يضلّه عن الثواب فما له وليّ ولا ناصر يسأله الثواب. {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ} في موضع نصب على الحال. {هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} «من» زائدة للتوكيد.
  {وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ٤٥}
  {وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ} على الحال وكذا {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ} قال محمد بن كعب: يسارقون النظر إلى النار {وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا
(١) أخرجه الترمذي في سننه ١٠/ ١٨.