إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(42) شرح إعراب سورة حم عسق (الشورى)

صفحة 62 - الجزء 4

  أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ} روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: هم الذين خلقوا للنّار وخلقت النار لهم خلّفوا أموالهم وأهاليهم في الدنيا وحرموا الجنة وصاروا إلى النار فخسروا الدنيا والآخرة.

  {وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ ٤٦}

  {مِنْ أَوْلِياءَ} في موضع رفع اسم كان.

  {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ٤٧}

  {ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} أي من مخلص ولا تنكرون ما وقفتم عليه من أعمالكم.

  {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ ٤٨}

  {وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً} ثم قال بعد {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} فجاء الضمير لجماعة لأنّ الإنسان اسم للجنس بمعنى الجميع، كما قال جلّ وعزّ: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[العصر: ٢ - ٣] فوقع الاستثناء لأن الإنسان بمعنى جمع.

  {يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ} أي من الأولاد.

  {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ٥٠}

  {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً} أي يجمع لهم هذا، كما قال محمد بن الحنفية: يعني به التوأم. وقال أبو إسحاق: يزوّجهم يقرن لهم. وكلّ قرينين زوجان. {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً} أي لا يولد له. وعقيم بمعنى معقوم. وقد عقمت المرأة إذا لم تحمل فهي امرأة عقيم ومعقومة.

  {وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ٥١}

  {أَنْ} في موضع رفع اسم كان و {وَحْياً} يكون مصدرا في موضع الحال، كما تقول: جاء فلان مشيا، ويجوز أن يكون منصوبا على أنه مصدر {أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ} هذه قراءة أكثر الناس، وقرأ نافع {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً}⁣(⁣١)


(١) انظر تيسير الداني ١٥٨، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٨٢.