القسم الثاني الإيجاز
  حرموا ركوبها وتحميلها، وكقوله تعالى: {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ}[الأحزاب: الآية ٢١] أي: رحمة الله، وقوله: {يَخافُونَ رَبَّهُمْ}[النّحل: الآية ٥٠] أي: عذاب ربّهم. وقد ظهر هذان المضافان في قوله: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ}[الإسراء: الآية ٥٧].
  وإما موصوف، كقوله: [سحيم بن وثيل الرياحي]
  أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا(١)
  أي: أنا ابن رجل جلا.
  وإما صفة، نحو: {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً}[الكهف: الآية ٧٩] أي: كلّ سفينة صحيحة أو صالحة، أو نحو ذلك، بدليل ما قبله. وقد جاء ذاك مذكورا في بعض القراءات، قال سعيد بن جبير: كان ابن عباس ® يقرأ: «وكان أمامهم ملك يأخذ كلّ سفينة صالحة غصبا».
  وإما شرط، كما سبق. وإما جواب شرط، وهو ضربان.
  أحدهما: أن يحذف لمجرد الاختصار، كقوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ٤٥}[يس: الآية ٤٥]، أي: أعرضوا، بدليل قوله بعده: {إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ}[يس: الآية ٤٦]، وكقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى}[الرّعد: الآية ٣١] أي لكان هذا القرآن، وكقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}[الأحقاف: الآية ١٠]؟ أي: ألستم ظالمين، بدليل قوله بعده: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الأحقاف: الآية ١٠].
  والثاني: أن يحذف للدلالة على أنه شيء لا يحيط به الوصف.
  أو لتذهب نفس السامع فيه كلّ مذهب ممكن؛ فلا يتصوّر مطلوبا أو مكروها إلّا
(١) عجز البيت:
متى أضع العمامة تعرفوني
والبيت من الوافر، وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في الاشتقاق ص ٢٢٤، والأصمعيات ص ١٧، وجمهرة اللغة ص ٤٩٥، ١٠٤٤، وخزانة الأدب ١/ ٢٥٥، والدرر ١/ ٩٩، وشرح شواهد المغني ١/ ٤٥٩، وشرح المفصل ٣/ ٦٢، والشعر والشعراء ٢/ ٦٤٧، والكتاب ٣/ ٢٠٧، والمقاصد النحوية ٤/ ٣٥٦، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٢١٤، وأمالي ابن الحاجب ص ٤٥٦، وأوضح المسالك ٤/ ١٢٧، وخزانة الأدب ٩/ ٤٠٢، وشرح الأشموني ٢/ ٥٣١، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٤٩، وشرح قطر الندى ص ٨٦، وشرح المفصل ١/ ٦١، ولسان العرب (ثنى)، (جلا)، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٢٠، ومجالس ثعلب ١/ ٢١٢، ومغني اللبيب ١/ ١٦٠، والمعرب ١/ ٢٨٣، وهمع الهوامع ١/ ٣٠.