الاستعارة
  وأما الثاني فكقول السائل في جؤارة: «يا ربّ يا الله» وهو أقرب إليه من حبل الوريد؛ فإنه استقصاره منه لنفسه، واستبعاد لها من مظانّ الزّلفى وما يقرّبه إلى رضوان الله تعالى، ومنازل المقربين، هضما لنفسه، وإقرارا عليها بالتفريط في جنب الله تعالى، مع فرط التهالك على استجابة دعوته، والإذن لندائه وابتهاله.
  واعلم أن مدار قرينة التبعية في الأفعال والصفات المشتقة منها على نسبتها إلى الفاعل، كما مر في قولك: «نطقت الحال» أو إلى المفعول، كقول ابن المعتز:
  جمع الحقّ لنا في إمام ... قتل البخل وأحيا السّماحا(١)
  وقول كعب بن زهير:
  صبحنا الخزرجيّة مرهفات ... أباد ذوي أرومتها ذووها(٢)
  والفرق بينهما أن الثاني مفعول ثان، دون الأول.
  ونظير الثاني قوله:
  نقريهم لهذميّات نقدّ بها ... ما كان خاط عليه كلّ زرّاد(٣)
  أو إلى المفعولين الأول والثاني، كقول الحريري: [أبو محمد، القاسم بن علي]
  وأقري المسامع إما نطقت ... بيانا يقود الحرون الشّموسا(٤)
  أو إلى المجرور، كقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}[آل عمران: الآية ٢١].
  قال السكاكي: أو إلى الجميع، كقول الآخر:
  تقري الرياح رياض الحزن مزهرة ... إذا سرى النوم في الأجفان إيقاظا(٥)
  وفيه نظر. وأما باعتبار الخارج فثلاثة أقسام:
(١) البيت من الرمل، وهو في ديوان ابن المعتز ١/ ٤٦٨، والمصباح ص ١٣٥، والمطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ص ٦٠٠.
(٢) البيت من الوافر، وهو لكعب بن زهير في ديوانه ص ١٠٤، وأمالي ابن الحاجب ص ٣٤٤، وشرح المفصل ١/ ٥٣، ٣/ ٣٦، ٣٨، ولسان العرب (ذو)، وبلا نسبة في الدرر ٥/ ٢٨، والمقرب ١/ ٢١١، وهمع الهوامع ٢/ ٥٠.
(٣) البيت من البسيط، وهو للقطامي في المطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ص ٦٠٠.
(٤) البيت للحريري (أبي محمد القاسم بن علي المتوفى سنة ٥١٦ هـ) صاحب المقامات في المطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ص ٦٠٠.
(٥) البيت بلا نسبة في المطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ص ٦٠٠، والمصباح ص ١٣٦.