الفصل الأول القول في السرقات الشعرية وما يتصل بها
  اقتبس من لفظ الحديث: «حفّت الجنّة بالمكاره، وحفّت النار بالشّهوات»(١).
  والاقتباس منه ما لا ينقل فيه اللفظ المقتبس عن معناه الأصليّ إلى معنى آخر، كما تقدم، ومنه ما هو بخلاف ذلك، كقول ابن الرومي:
  لئن أخطأت في مدحي ... ك ما أخطأت في منعي(٢)
  لقد أنزلت حاجاتي ... {بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}(٣)
  ولا بأس بتغيير يسير لأجل الوزن أو غيره، كقول بعض المغاربة عند وفاة بعض أصحابه: [البيت لأبي تمام]
  قد كان ما خفت أن يكونا ... إنا إلى الله راجعونا(٤) (٥)
  وقول عمر الخيّام:
  سبقت العالمين إلى المعالي ... بصائب فكرة وعلوّ همّه(٦)
  ولاح بحكمتي نور الهدى في ... ليال للضّلالة مدلهمّه
  يريد الجاهلون ليطفئوه ... ويأبى الله إلا أن يتمه(٧)
  وكقول القاضي منصور الهروي الأزدي:
  فلو كانت الأخلاق تحوى وراثة ... ولو كانت الآراء لا تتشعّب(٨)
  لأصبح كلّ النّاس قد ضمّهم هوى ... كما أن كلّ الناس قد ضمّهم أب
  ولكنها الأقدار، كلّ ميسّر ... لما هو مخلوق له ومقرّب
(١) أخرجه مسلم في الجنة حديث ١، وأبو داود في السنة باب ٢٢، والترمذي في الجنة باب ٢١، والنسائي في الأيمان باب ٣، والدارمي في الرقاق باب ١١٧، وأحمد في المسند ٢/ ٢٦٠، ٣٣٣، ٣٥٤، ٣٨٠، ٣/ ١٥٣، ٢٥٤، ٢٨٤.
(٢) البيتان من مجزوء الوافر، وهما في الإشارات والتنبيهات ص ٢٨٨.
(٣) انظر الآية ٣٧ من سورة إبراهيم.
(٤) البيت من مخلع البسيط، وهو في الإشارات والتنبيهات ص ٢٨٨.
(٥) انظر الآية ١٥٦ من سورة البقرة.
(٦) الأبيات من الوافر، وهي في الإشارات والتنبيهات ص ٢٨٨.
(٧) انظر الآية ٣٢ من سورة التوبة.
(٨) الأبيات من الطويل، وهي في الإشارات والتنبيهات ص ٢٨٨.