الفصل الأول القول في السرقات الشعرية وما يتصل بها
  «ليوم كريهة وسداد ثغر»(١)
  ولا حاجة إلى تقديره؛ لتمام المعنى بدونه.
  ومثله قول الآخر:
  قد قلت لما اطّلعت وجناته ... حول الشّقيق الغضّ روضة آس(٢)
  أعذاره السّاري العجول ترفّقا ... ما في وقوفك ساعة من باس
  المصراع الأخير لأبي تمام. وكقول الآخر:
  كنّا معا أمس في بؤس نكابده ... والعين والقلب منّا في قذى وأذى(٣)
  والآن أقبلت الدّنيا عليك بما ... تهوى، فلا تنسني، إنّ الكرام إذا
  أشار إلى بيت أبي تمام، ولا بدّ من تقدير الباقي منه؛ لأن المعنى لا يتم بدونه.
  وقد علم بهذا أن تضمين ما دون البيت ضربان.
  وأحسن وجوه التضمين: أن يزيد المضمّن في الفرع عليه في الأصل بنكتة، كالتورية والتشبيه في قول صاحب التحبير(٤):
  إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها ... تذكّرت ما بين العذيب وبارق(٥)
  ويذكرني من قدّها ومدامعي ... مجرّ عوالينا ومجرى الوابق
  المصراعان الأخيران لأبي الطيب(٦).
(١) البيت للعرجي في ديوانه ص ٣٤، ولسان العرب (سدد)، (ضيع)، وتاج العروس (سدد)، (ضيع)، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ١٢/ ٢٧٧، ومقاييس اللغة ٣/ ٦٦، ومجمل اللغة ٣/ ٦٠، وديوان الأدب ٣/ ٩٠.
(٢) البيتان لأبي العباس محمد بن إبراهيم في المطوّل شرح تلخيص مفتاح العلوم ص ٧٢٦.
(٣) البيتان بلا نسبة في المطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ص ٧٢٧.
(٤) صاحب التحبير: هو ابن أبي الإصبع المصري، عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن عبد الله بن محمد القيرواني ثم المصري، أبو محمد الشاعر المعروف بابن أبي الإصبع، توفي سنة ٦٥٤ هـ، له من المصنفات: بدائع القرآن، تحرير التحبير في علم البديع، خواطر السوانح في أسرار الفواتح، وغير ذلك. (كشف الظنون ٥/ ٥٨٥).
(٥) البيتان من الطويل، وهما في الإشارات والتنبيهات ص ٢٩٠.
(٦) يشير إلى قول المتنبي:
تذكرت ما بين العذيب وبارق ... مجرّ عوالينا ومجرى السوابق
والبيت في ديوان المتنبي ٢/ ١٤٦.