[طائفة من الأخبار في دعوة الإمام زيد بن علي @، وحثه على الجهاد]
  في الكِتَاب، فَلَو كَانَتِ الأحْكَامُ كَمَا حَكَمَ بِهَا أهْلُ الجَوْرِ وَالآثَام؛ لَمَا كَانَ بَينَنَا اخْتِلافٌ، وَلا اسْتَعْدَينَا إلى الحُكَّام، كَمَا لا يَسْتَعْدِي بَعْضُنَا عَلى بَعْضٍ في اللِّحَى وَالألْوَان ولاَ فِي تَمام الخَلْق والنُّقْصَانِ، وَقَدِيماً اتَّخذَتِ الجَبَابِرَةُ دِينَ الله دَغَلاً، وِعِبَادَهُ(١) خَوَلاً، وَمَالَه دُوَلاً، فَاسْتَحَلُّوا الخَمْرَ بِالنَّبيذ، وَالمَكْسَ بِالزِكَّاة، وَالسُّحْتَ بالهَدِيَّة، يَجبُونَها مِنْ سَخَطِ الله وَيُنْفقُونَها فِي مَعَاصِي الله، وَوَجَدُوا عَلى ذَلِكَ [مِنْ](٢) خَوَنَةِ أَهْلِ العِلْمِ وَالزُّرَّاعِ وَالتُّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ وَالمُسْتَأكِلِينَ فِي الدِّينِ أَعْوَانَاً، فَبِهَؤلاء الأَعْوَانِ خَطَبَت أَئِمَّةُ الجَور عَلى المَنَابِرِ، وَبِهَؤلاء الأَعْوَانِ قَامَتْ رَايَةُ الفِسْقِ فِي العَسَاكِر، وَبِهَؤلاءِ الأَعْوَانِ أُخِيفَ العَالِمُ فَلا يَنْطِق، وَلا يَتَّعِظُ لِذَلِكَ الجَاهِلُ فَيَسْأل، وَبِتِلْكَ الأعَوْان مشَى المُؤمِنُ فِي طَبَقَاتِهِم بِالتَّقِيَّة وَالكِتْمَان، فَهُوَ كَاليَتِيمِ المُفْرَدِ يَسْتَذِلُّهُ مَنْ لا يَتَّقِ الله، وَالسَّلام»(٣).
(١) في (ب): وعباد الله.
(٢) ساقط في (ب).
(٣) قال العلامة أحمد بن موسى الطبري: «قال زيد بن علي #: (أما بعد يا قارئ القرآن، إنك لن تتلوا القرآن حق تلاوته حتى تعرف الذي حرفه، ولن تمسك بالكتاب حتى تعرف الذي نقضه، ولن تعرف الهدى حتى تعرف الضلالة، ولن تعرف التقى حتى تعرف الذي تصدى، فإذا عرفت البدعة في الدين والتكلف، وعرفت الفرية على الله والتحريف، رأيت كيف اهتدى من هدى. واعلم أن القرآن ليس يعلمه إلاّ من ذاقه، فأبصر به عماه وأسمع به صممه، وحيي به إذا مات، ونجا به من الشبهات. واعلم يا قارئ القرآن أن العهد بالرسول قد طال، ولم يبق من الإسلام إلاّ اسمه، ومن القرآن إلاّ رسمه ولا من الإيمان إلاّ ذكره، وأن الله ø لم يجعل ما قسم بيننا نهبا ولا ليغلب قوينا ضعيفنا، ولا كثيرنا قليلنا، بل قسم برحمته علينا الأقسام والعطيات، فمن أجرأ على الله ممن زعم أن له أقساماً بين العباد، سوى ما حكم به في الكتاب؟ فلو كانت الأحكام، كما حكم بها أهل الجور والآثام، لما كان بيننا اختلاف، ولا استعدينا إلى الحكام، كما لا يستعدي بعضنا على بعض في اللحا والألوان، ولا في تمام الخلق =