أخبار الإمام زيد (ع)،

أبو مخنف الأزدي (المتوفى: 157 هـ)

[طائفة من الأخبار في همة الإمام زيد بن علي @ في طلب الجهاد والشهادة، وأحواله مع أهل الكوفة ودعوته]

صفحة 235 - الجزء 1

  وَلحِقَت بِه جَمَاعَةٌ مِنْ أصْحَابِه، فَقَالُوا لَه: أين تَنْطَلِقُ وَمَعَك مَائة ألفٍ مِنْ أهْلِ الكُوفَة يَضْرِبونَ دُونَك بِأسْيَافِهِم؛ حَتّى يَمُوتُوا دُونَك، وَليس بِالكُوفَة مِنْ أهْل الشَّام إلا عِدّةٌ قَليلَةٌ، وَشَوكَةٌ يَسِيرَة، لَو أنَّ مَذْحَج الهَمداني، أو بَكر بن وَائل، أو بَني تميم نَصَبُوا لهم لَكَفَوكَ شَوْكَتَهُم - بِإذن الله تعالى -، إنّا نَنشدُك بالله يا بنَ رَسُول الله لمَا انْصَرَفْتَ مَعَنَا. قَال: وَأقبَل عَليه محمّد بن عُمر بن عَلي $ حَيث أجمَعَ عَلى الخُروج إلى الكُوفَة، فَقَال: أُذَكِّركُ الله يَا زَيد لمَا مَضَيتَ وَلحِقْتَ بِأهْلِكَ وَلم تَقبَل مَقَالة هَؤلاء الذين يَدْعُونك إلى مَا يَدْعُونك؛ فَإنّهم لا يَفُون لَك، هُم أصَحَاب جَدّك الحُسين #، وَهُم يَستغرّونَك كمَا غَرّوه، ويُسْلِمُونَك كَما أسْلَمُوهُ⁣(⁣١)؛ فَتُقتَل أضْيعَ قِتَلة. فَلم يَقبَل مِنه. قَال: فَلم يَزالوا به حَتّى رَدّوه مَعَهم الكُوفَة لَيلاً فَاختفَى بِهَا، وَجَعَلَت الشِّيعَةُ تَختلِفُ إليهِ سِرّاً فَيُبَايِعُونَه حَتّى أحْصَى دِيوانه خَمسَة عَشرَ⁣(⁣٢) ألفَ رَجُلٍ، فَأقَام بِضْعَةَ عَشَر شَهراً، وَقَد كَانَ أتَى البَصْرَة فَأقَام بِهَا شَهْرَين، ثُمّ أتَى الكُوفَة فَأقام بهَا، وَوَجَّه رِجَالاً مِنْ أصْحَابِه إلى المُوصل وَالسَّوادِ يَدْعونَ إليه، قَال (بياض في المخطوط)⁣(⁣٣) عَلى الظُّهُور أمَرَ أصْحَابَه بالاسْتِعدَادِ والتّهيئ للحَرْبِ، فَجَعَل مَنْ مكان مِنهم عَلى الوفَاء يَستعدّ وَيتهيّأ، فَشَاعَ أَمْرُهُ في النّاس، فَانطَلق سُليمَان بن سُرَاقَةَ البَارِقيّ فَأعْلَمَ يُوسُف بن عُمر خَبرَه، وَأشْفَقَ زَيدٌ -


(١) في (ب): سلموه.

(٢) في (ب): خمس عشر.

(٣) في كلا النسختين بياض في المخطوط بمقدار كلمتين، ولعلها: «فلما دنا»، كما في مقاتل الطالبيين، قال: «يدعون الناس إلى بيعته، فلما دنا خروجه أمر أصحابه بالاستعداد» [مقاتل الطالبيين: ١٣٢].