الفصل الثالث: ترجمة الإمام الأعظم زيد بن علي #:
  وجاؤوا إليه -: «أيّ قَومٍ أنْتُم؟!. أضْعَفُ مِنْ أهْلِ الحَرَّة؟!. فَقالوا: لا. فَقَالَ: فَأنَا أشْهَدُ أنَّ يَزيداً لَيس شَرّاً مِن هِشَام بن عَبد الملك، فَما لَكُمْ؟!. فَقَال سَعدٌ لأصْحَابِه: مُدَّةُ هَذا قَصيرة. فَلم يَنشب أنْ خَرَج فَقُتِل»(١). وفي روايةٍ أنّه # وقفَ على نفرٍ من القرشيين في المسجد فقال لهم - بعد أن حصَبهم ليتوقّفوا -: «أَقَتلَ يَزيدُ بن مُعاوية حُسينَ بن عَلي؟!. قَالوا: نعم. قَال: ثُمّ مَاتَ يَزيد؟!. قَالوا: نَعم. قَال: فَكَأنَّ حَياةً بَينَهُما لم تكُن؟! ... قَال: فَعَلِمَ القَومُ أنَّ زَيداً يُريدُ أَمْرَاً»(٢).
  وهُنا لو تأمّلنا وجدنا الإمام # قد انتهجَ طريقَةً للفتِ الأمّة إلى قضيّة التغيير على الظّالم والخُروج عليه، بالنّظر إلى حقيقَة الحَياة الدّنيا، وإلى حقيقَة الدّار الآخرَة، إلى تأمّل هذا الظّلم من حولِهم، وأنّهم وإن استُشهدوا في سبيل الله فإنّ هذه الدّار التي سيتركونَها كما تركَها الإمام الحُسين # لن تكونَ خُلوداً لهشام بن عبدالملك كمَا لم تكُن خُلوداً ليزيد بن مُعاوية مهما طالَ بهم العُمر، ومهما طال تنعّمهم في الحُكم. هذه الخصلَة من خصالِ الإمام زيد بن علي # مهمٌّ أن يستحضرها الباحثُ وهُو يستقرئ زيداً، ويستنطقُ نصوص السّيرة والتأريخ؛ لأنّها ستكشفُ له أبعاد ثورِته من جوانب مُتعدّدة، شخصيّة، ومُجتمعيّة، وسياسيّة، وعقائديّة، فهذه المرحلة المُبّكرة في نشأة الإمام زيد بن علي #، أو المرحلة التي سبقَت خُروجه على هشام؛ سيتبيّنُ
= رجال العدل والتوحيد». روى عن: والده، وأنس بن مالك، والحسن البصري، وغيرهم. روى عنه: سفيان الثوري، وشريك النخعي، وأيوب السختياني. وفاته سنة (١٢٥ هـ). انظر [الجداول الصغرى، مختصر الطبقات الكبرى، سير أعلام النبلاء: ٥/ ٤١٨].
(١) تاريخ مدينة دمشق: ١٩/ ٤٦٩، بغية الطالب في تاريخ حلب: ٩/ ٤٠٤٤.
(٢) تاريخ مدينة دمشق: ١٩/ ٤٦٩، بغية الطالب في تاريخ حلب: ٩/ ٤٠٤٤.