الفصل الثالث: ترجمة الإمام الأعظم زيد بن علي #:
  معها كيفَ أنّ الإمام زيد بن علي # كان ينتهجُ طريقَة التأثير في الآخَرين ليُشاركوه مبدأه وطريقَته التي يُريدُها في رفع راية الدِّين والعَدل، والدّعوة إلى الإمامَة العُظمَى؛ لأنّك ستقفُ وأنتَ تستتبع سيرتَه أنّ هذه الطّريقة في التأثير في النّاس - لإيقاظ عقيدة الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر في قلوبهم - قد انتهجها الإمام زيد بن علي # في مراحل تالية في الشّام والعراق وغيرها من البُلدان.
  وفي تلك الهمّة لإصلاح شأن الأمّة عند الإمام زيد بن علي # يقول البابكي - وهو عبدالله بن مسلم بن بابك -: «خَرَجْتُ أَنَا وَزَيْدُ بن عَلِيٍّ (@) إِلَى العُمْرَةِ فَلَمَّا فَرِغْنَا مِنْ عُمْرَتِنَا أَقْبَلْنَا فَلَمَّا كُنَّا بِالْعرجِ أَخَذْنَا طَرِيقاً، فَلَمَّا اسْتَوَيْنَا عَلَى رَأْسِ الثَّنِيَّةِ نِصْفِ اللَّيْلِ اسْتَوَى الثُّرَيَّا عَلَى رُؤُوسِنَا فَقَالَ لِي زَيْدُ بن عَلِيّ (@): يَا بَانكَي أَتَرَى الثُّرَيَّا مَا أَبْعَدَهَا أَتَرَى أَنَّ أَحَداً يَعْرِفَ بُعْدَهَا؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَواللهِ لَوْ وَدِدْتُ أَنَّ يَدِيَ مُلْتَصِقَةٌ بِهَا ثُمَّ أَفْلِتُ حَتَّى وَقَعْتُ حَيْثُ وَقَعْتُ وَأَنَّ الله أَصْلَحَ بِي أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّد ÷»(١). وقال #: «فَواللهِ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ رِضَا الله ø عَنِّي فِي أَنْ أَقْدَحَ نَاراً بِيَدِي، حَتَّى إذَا اضْطَرَمَتْ رَمَيْتُ بْنَفْسِي فِيهَا لَفَعَلْتُ، لَكِنْ مَا أَعْلَمُ شَيْئاً أَرْضَى للهِ ø عَنِّي مِنْ جِهَادِ بَنِي أُمَيَّةَ»(٢)، وفي هذا الكِتاب سيقفُ الباحثُ على شواهد هذا الحال، وتلك الهمّة عند الإمام زيد بن علي # فطالما كان يُردّدها في المواقف الكثيرَة، حتّى عندما رماهُ أهل الشّقاء بسهم الشّهادَة.
(١) تيسير المطالب في أمالي أبي طالب، مقاتل الطالبيين: ١٢٦، مقتل الحسين للخوارزمي: ٢/ ١٣١.
(٢) تيسير المطالب في أمالي أبي طالب: ١٦٦].