الفصل الثالث: ترجمة الإمام الأعظم زيد بن علي #:
  الشيعَة فيما يروي أبو مِخنف في هذا الكتاب، وروى عنه أيضاً البلاذري(١): «أنّ طَائفَةً أتَوا أبَا جَعْفَرَ مُحمّدَ بن علي @ وهُو يَومَئذٍ بِالمَدِينَة، وَذَلِك قَبلَ خُرُوج أخِيه زَيدِ بن عَلي @، فَقالوا لَه: إنّ أخَاكَ فِينَا، أَنُبَايِعُ لَهُ؟. فَقَالَ: «نَعَم، بَايعُوهُ؛ فَإنَّهُ اليَومَ أفَضَلنَا»(٢). دعا الإمام الأعظم زيد بن علي # لنفسه بالإمامة، دعوة خاصّةً، وبايعه عليها سادات بني الحسن والحسين #، وممّن بايعَه ابن أخيه الإمام جعفر بن محمّد #، يروي الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #: «لمّا أرَاد زَيدٌ الخُروج إلى الكُوفة من المدينة؛ قال لَه جَعفر: أنَا مَعك يَا عم. فقال له زيد: أو مَا عَلِمتَ يَا ابن أخي أنَّ قَائِمَنَا لقَاعِدِنا وقَاعِدنا لقَائمنا، فَإذا خَرجتُ أنَا وأنْت فمَن يخلُفنا في حُرَمِنا، فتخلَّفَ جَعفرٌ بِأمْرِ عَمِّه زَيد»(٣).
  البعضُ ممّن لا بصيرة له لم يفهَم طبيعَة دعوة الإمام زيد بن علي #، فهو لا يفقه من مفهوم الدّعوة عند أئمّة العترة إلا أنّها تلك التي تُصاحبُ الخُروج، بينما قد تسبقُ الدّعوةُ الخُروجَ بسنوات إذا قد ظهر في الأمّة أثر تلك الدّعوة إلى جهاد الظّالمين وكان الإمامُ الدّاعي يجمع الأنصار ويُدبّر أمر الخُروج، وذلك حصل مع الإمام زيد بن علي #، ثمّ تلك الدّعوة العامّة للأمّة للإجابة لداعي آل الرّسول سواءً كان هو الدّاعي أو غيره، وهذا قد حصل في زمان الإمام الباقر #، إلى جانب وصول الكُتب إلى سادات العترة في المدينة من الشّيعة، فهذا أيضاً لم يفقهوه، فأرادوا الخروج من
(١) أنساب الأشراف: ٣/ ٢٤٠.
(٢) انظر الخبر رقم (٨) في هذا الكتاب.
(٣) مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق.