تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة الفاتحة

صفحة 12 - الجزء 1

  وتأويل {الرحيم} فهو: العفو عن الذنب العظيم، والناهي عن الظلم والفساد؛ لما في ذلك من رحمته للعباد، ضعيفهم وقويهم، وفاجرهم وبرهم.

  وتأويل {ملك يوم الدين} فهو: مالك أمر يوم الدين، الذي لا ينفذ أمر في ذلك اليوم غير أمره، ولا يمضي فيه حكم غير حكمه. والملك: من الملك، والمالك: من الملك، وهما يقرآن جميعا، وكلاهما معا فلله، [ويوم الدين⁣(⁣١)] فهو: يوم الجزاء والثواب والعقاب، وإنما سمي الدين: لما يدان، أي يجازى.

  قال: معنى يوم الدين فهو يوم يدان العاملون أعمالهم، ويجزون يومئذ بهداهم وضلالهم.

  {إياك نعبد} فهو: نوحد ونفرد؛ أنت يا معبودنا لا غيرك.

  {وإياك نستعين}: نسأل العون على أمرنا، وتوفيقنا لما يرضيك عنا.

  {اهدنا}: وفقنا وأرشدنا.

  {الصراط المستقيم}، والصراط: هو السبيل الذي ليس فيه زيغ ولا ميل؛ قال جرير:

  أمير المؤمنين على صراط ... إذا اعوج الموارد مستقيم

  و {المستقيم} فهو: الطريق الواضح الذي افترضه الله إلى الطاعة، المعتدل الذي ليس فيه عوج ولا ميل، فهو لا يجور بأهله عن قصده، ومنه: قوله تعالى: {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون}⁣[الأعراف: ٨٦].

  {صراط الذين أنعمت عليهم}، تأويل ذلك: غير المغضوب عليهم منك.

  {ولا الضالين} يقول: ولا صراط الضالين بالهوى والعمى عنك؛ لأنه قد ينعم جل ثناؤه في هذه الدنيا على من يضل عنه، ومن لا يقبل ما جاء من الهدى والأمر والنهي، ولمن يغضب جل ثناؤه عليه من الكافرين؛ يقول: اهدنا صراطا غير صراط الذين غضبت عليهم، والمغضوب عليهم في هذا الموضع فهم:


(١) زيادة مني لاستقامة الكلام.