تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {والنجم إذا هوى 1 ما ضل صاحبكم وما غوى 2 وما ينطق عن الهوى 3 إن هو إلا وحي يوحى 4 علمه شديد القوى 5 ذو مرة فاستوى 6 وهو بالأفق الأعلى 7 ثم دنا فتدلى 8 فكان قاب قوسين أو أدنى 9 فأوحى إلى عبده ما أوحى 10 ما كذب الفؤاد ما رأى 11 أفتمارونه على ما يرى 12 ولقد رآه نزلة أخرى 13 عند سدرة المنتهى 14 عندها جنة المأوى 15 إذ يغشى السدرة ما يغشى 16 ما زاغ البصر وما طغى 17 لقد رأى من آيات ربه الكبرى 18 أفرأيتم اللات والعزى 19 ومناة الثالثة الأخرى 20 ألكم الذكر وله الأنثى 21 تلك إذا قسمة ضيزى 22 إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى 23}

صفحة 52 - الجزء 3

  جاءهم من ربهم الهدى ٢٣

  فقال: هذا قسم من الله سبحانه بالنجوم عند هويها، ومعنى: {النجم} فهو: النجوم جميعا، كما قال الله: {يا أيها الإنسان}، وهو يريد: الناس طرا، ومعنى: {هوى} فهو: غاب وتدلى؛ فأقسم بهويه عند هويه؛ لما في ذلك من عظيم الآيات، وكبير الدلالات، على مسير الأرض والسموات. ثم قال: {ما ضل صاحبكم وما غوى}، فأقسم بالنجم: أن محمدا صلى الله عليه وعلى آله ما ضل عن الهدى، ولا عدى عما أمره به العلي الأعلى، وأنه ما أفك ولا غوى، ومعنى: {غوى} فهو: ضل وهلك إذا أساء. {إن هو إلا وحي يوحى}، يقول: ما يأتيكم صاحبكم إلا بوحي يوحى إليه، ولا يأمركم إلا بما ينزل من الله عليه. {علمه} معناها: فهمه وأمره به. {شديد القوى} فهو: جبريل صلى الله عليه، يقول: شديد الأسر والخلق. {ذو مرة}، والمرة فهي: العزيمة والقوة، والنفاذ فيما يؤمر به. {فاستوى} معناها: فتم وكمل. {وهو بالأفق الأعلى}، والأفق الأعلى: أفق السماء الدنيا. {ثم دنا فتدلى}، يقول: تقرب ودنا، ونزل حتى كان من محمد صلى الله عليه وآله في الهوي {قاب قوسين أو أدنى}، ومعنى: {قاب قوسين} فهو: قدر علوتين في الهوى. {أو أدنى}، يقول: أو أقرب من القوسين، وفوق القوس. {فأوحى إلى عبده ما أوحى}، يقول: أوحى جبريل المتدلي على قاب قوسين أو أدنى، إلى عبد الله محمد، ما أوحى من الوحي، الذي بعثه به الواحد الأعلى. {ما كذب الفؤاد ما رأى}، يقول: ما كذب فؤاد محمد وقلبه فيما قد أيقن به من آيات ربه، من تدلي جبريل إليه بوحي خالقه. {أفتمارونه على ما يري}، يقول: تكابرونه وتجاحدونه فيما قد عاينه عيانا ورآه. {ولقد رآه نزلة أخرى ١٣ عند سدرة المنتهى ١٤ عندها جنة المأوى ١٥}: فشهد سبحانه لمحمد صلى الله عليه وآله: أنه قد رأى جبريل في الصورة التي خلقه الله فيها مرتين، حين دنا فتدلى، وعند سدرة المنتهى؛ وسدرة المنتهى فهي: أعلى عليين، وعندها جنة المأوى