قوله تعالى: {وكل شيء فعلوه في الزبر 52 وكل صغير وكبير مستطر 53 إن المتقين في جنات ونهر 54 في مقعد صدق عند مليك مقتدر 55}
  تفسير قوله: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده}[الإسراء: ٤٤]. {والسماء رفعها ووضع الميزان}، معنى {رفعها} هو: علقها سماء، وأقلها فوق الأرض. {ووضع الميزان} فهو: جعل الميزان، وهدى إليه. {ألا تطغوا في الميزان}، يقول: لا تظلموا فيه، ولا تحتالوا بحيلة باطل عليه، واستوفوا وأوفوا؛ فقد جعلته عدلا بيننا وبينكم، وخلقته مبينا لكم. {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا}، واعدلوا الوزن، وأوفوا بالحق ولا تبخسوا، يقول: لا تنقصوا ولا تبخسوا {الميزان ٩}. {والأرض وضعها للأنام ١٠}، ومعنى {وضعها} هو: خلقها وبسطها ومهدها. {للأنام}، فهم: الخلق. {فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام}، فالفاكهة هي: الفاكهة المعروفة، من ألوان الفواكه والأشجار. {والنخل} فهي: النخل المفهومة، {ذات الأكمام}، والأكمام هي: قشر الطلع الذي ينشق عما فيه من الشماريخ، حتى يخرج الثمر من جوف الأكمام، وتبقى الأكمام معلقة لا شيء فيها، وهي: القشور التي تكون عليه أول ما يخرج. {والحب ذو العصف والريحان}، فالحب ذو العصف فهو: الحب من البر والشعير، والعصف فهو: القصب الذي يدق، فيكون تبنا، وهو الذي ذكر الله ø: أنه جعل أهل الفيل كالعصف المأكول، والريحان هاهنا فهو: الرزق الواسع من الرحمن، وهو في لغة العرب موجود، تقول: «أطلب من ريحان الله»، أي: أطلب من رزق الله، وإنما سمت العرب الرزق ريحانا؛ لما لها فيه من الطيب والمعيشة والإحسان. {فبأي آلاء ربكما تكذبان}، يقول: بأي نعم الله وإحسانه تكذبان، ومعنى: {تكذبان}: أيها الثقلان، والثقلان فهما: الجن والإنس. {خلق الإنسان من صلصال كالفخار}، والإنسان فهو: آدم #، وهو بدي الناس، والذي تفرعوا منه كلهم، والصلصال فهو: الطين اليابس الذي يتصلصل إذا حرك عند يبسه، وصدم بعضه بعضا. {كالفخار}، يقول: هذا الطين في اليبس والصلصلة كالفخار الذي صوته إذا ذفر بعضه