تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التغابن

صفحة 148 - الجزء 3

  وإنما المعنى: وأشربوا في قلوبهم حب العجل، فطرح «حب»، وهو يريده، والعرب تفعل هذا، تطرح ما كان مثل هذا في المعنى وهي تريده، وكذلك قال الله سبحانه: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا منها}⁣[يوسف: ٨٢]، أراد: أهل القرية، وأهل العير؛ وفي ذلك ما يقول شاعر من العرب:

  ألا إنني أسقيت أسود حالكا ... ألا بجلي من ذا الشراب ألا بجل.

  وإنما أراد: أني سقيت سم أسود حالك، يعني: سم الحية السوداء، فطرح السم وهو يريده، فعلى ذلك يخرج قول الله سبحانه: {ومن يوق شح نفسه}، يريد: ومن يوق شر شح نفسه {فأولئك هم المفلحون}، يقول سبحانه: من وقي شر شحه، وسوء عاقبته، بالتوفيق للسخاء والتسديد، {فأولئك هم المفلحون}؛ معنى المفلحين هم: الفائزون الناجون من عواقب أفعالهم، والسالمون من توابع أعمالهم.

  ثم قال سبحانه: {إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم}، معنى {إن تقرضوا الله} فهو: إن تخرجوا لله، وتنفقوا في سبيل الله، شيئا تقصدون به وجه الله، ولا تريدون به شيئا غير الله، ويكون ذلك قرضا حسنا، ومعنى {قرضا حسنا} أي: فعلا جميلا، لا يتبعه من ولا أذى، {يضاعفه لكم}، أي: يضاعف لكم أجره، ويبسط لكم عليه رزقه، في الدنيا والآخرة، بالعطاء الجزيل، والثواب الجليل. {ويغفر لكم والله شكور حليم}، معنى {يغفر لكم} يقول: يقبل منكم نفقاتكم، فيغفر لكم ذنوبكم، ويقبل توبتكم، ومعنى {شكور} فهو: شاكر الحسنات، ومعنى الشكر من الله فهو: الإيجاب منه للقبول ممن فعل فعلا يريده سبحانه مخلصا. {حليم} فمعناها: المتأني بخلقه، الذي لا يعاجلهم عند زلتهم، ولا يؤاخذهم عند عثرتهم، ليعودوا ويرجعوا، ويتوبوا ويهتدوا، ذو الصفح والأناءة العظيمة، والرحمة والمغفرة الجزيلة الكثيرة.