قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3}
  بينكم بمعروف}: تشاوروا بينكم، يا هذا الرجل، ويا هذه المرأة في أمر رضاع هذا الصبي؛ والمعروف فهو: الأمر الحسن، يريد: تواصوا بينكم في رضاعه بأمر جميل: لا تشط المرأة على الرجل في ارضاع ولده، فتزداد عليه فوق ما يجب، وتعنته فيما تطلب؛ ولا يعنتها بالإقلال لها، ويشط عليها في رضاع ولدها بالوكس لها بما يجب لمثلها؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه في تصحيح ما ذكرنا، وتفسير ما شرحنا من قوله: {وأتمروا بينكم بمعروف}، حيث يقول: {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى}، يقول: إن تعاسرتم في أمر الشرط الذي يكون لها على ارضاعها لولدها، فلا بد أن ترضع له أخرى، يقول سبحانه: إن طلبت المرأة شططا، فسيرضع الرجل ولده غيرها من النساء، بدون ما طلبت من الأجرة والعطاء، وإن طلب أبو الصبي من أمه رضاعا بوكس من الأجرة، وعسر عليها في الإنفاق، فلا أن يسترضع غيرها إن تركت الولد أمه، فينفق ويخرج، وينفق للمرضع الأخرى فوق ما أراد أن يعطي أم الصبي؛ فأخبر سبحانه: أنه لابد من الحق، وأن من عند منهما عن الحق، فسيوجد للصبي مرضعا، بالحق الذي عند منهما من عند عنه.
  {لينفق ذو سعة من سعته}، يقول: ذو الجدة من جدته، وذو القدرة من قدرته، على النفقة من نفقته. {ومن قدر عليه رزقه} يقول: من قتر عليه، ولم يوسع ما في يديه، فكان بذلك معسرا، {فلينفق مما آتاه الله}، يقول: مما رزقه الله، على قدره وطاقته؛ فأراد سبحانه بذلك الإخبار عن ذي السعة، وذي الفاقة والحاجة، والأمر لهما بأن ينفقا على قدر ما في أيديهما، ويخرجا من رضاع ولدهما، على قدر انقطاعهما ورزقهما؛ فأمر بما ذكر من ذلك للأب إذا كان ذا سعة، أن يوسع على أم ابنه إذا أرضعت له، وأمر أم الولد أن تقصد وتقبل ميسور أب ابنها إذا قدر عليه رزقه، كما قال سبحانه: {ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله}، يريد: فلينفق عليها على قدر ما آتاه الله، ومعنى {آتاه الله} فهو: رزقه