تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3}

صفحة 161 - الجزء 3

  وأعطاه؛ ألا تسمع كيف يقول تبارك وتعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا}، معنى {لا يكلف الله} أي: لا يجعل الله على نفس حكما فوق ما تطيق من النفقة، ولا يحكم عليها من النفقة، إلا على قدر ما رزقها وآتاها. {سيجعل الله بعد عسر يسرا}: سيؤتي الله ذا العسرة بعد عسره تيسيرا، حتى يكون بعد اليوم مؤسرا، كما كان اليوم معسرا؛ فهذه عدة من الله تبارك وتعالى للمتقين باليسر والتيسير، بالرزق الكثير، ورفع المعسور.

  ثم رجع سبحانه، وذكر من كان فيمن عند من خلقه عن أمره، وتخويفا لعباده، وإنذارا وإعذارا إلى خلقه، فقال ، وتعالى عن كل شأن شأنه: {وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا}، معنى {وكأين من قرية} يقول: وكم من قرية {عتت عن أمر ربها}، ومعنى {من قرية} فهو: من أهل قرية، ومعنى {عتت} فهو: قست وتحيرت، وظلمت وتكبرت، ومعنى {عن أمر ربها} فهو: تكبرت عن الطاعة لأمر ربها، {ورسله} أي: بالمخالفة لأمر الله، والمشاقة لرسل الله. {فحاسبناها حسابا شديدا}، يقول: جازينا؛ جزاء على فعلها. {حسابا} أي: مثلا بمثل من صنعها، ومعنى «جازيناها» فهو: عاقبناها عقابا شديدا. {وعذبناها عذابا نكرا}، يقول: عذبناها بما أنزلنا عليها من العذاب الأليم، والنكال العظيم. و {عذابا نكرا}، والنكر من العذاب فهو: المنكر، ومعنى المنكر فهو: الأمر الذي لم ير مثله في العذاب، ولم يكن في أحد من الأمم، فأنكر شديد ما رؤي منه، وعوين عند وقوعه بأهله، فكان بذلك نكرا، أي: اشتد أمره، وعظم شأنه، واشتد سبيله، حتى كان نكرا عند أهله، ومن سمع به.

  {فذاقت وبال أمرها}، معنى {فذاقت} هو: وجدت، ومعنى {وبال أمرها} فهو: عاقبة أمرها، ومعنى {أمرها} فهو: فعلها، وما تقدم من فسقها. {وكان عاقبة أمرها خسرا}، معنى {عاقبة أمرها} فهو: آخر أمرها، وأمرها