تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3}

صفحة 162 - الجزء 3

  هاهنا فهو: حالها. {خسرا} فهو: خسرانا وبلاء، وعذابا وشقاء.

  ثم أخبر سبحانه بما أعد لهم في الآخرة التي تبقى، من بعد ما أنزل بهم في دار الدنيا، فقال سبحانه: {أعد الله لهم عذابا شديدا}، يريد: عذاب النار في الآخرة، التي لا تفنى ولا تبيد، ولا تنقضي أبدا. ثم قال سبحانه: {فاتقوا الله يا أولي الألباب}، فمعنى {فاتقوا الله} يقول: خافوا الله وراقبوه، واحذروا معاصيه. {يا أولي الألباب} فهو: يا أصحاب الألباب، والألباب فهي: العقول. {الذين آمنوا} يقول: يا أهل الألباب من المؤمنين، الذين جعلت لهم ألبابا فانتفعوا بها، فأصابوا بها الرشد عندما استعملوها؛ دلتهم على الإيمان واستدلوا، ووقفتهم على طريق الهدى فاهتدوا، ولم يكابروا ألبابهم فيضلوا، ولم يعندوا عن الله فيهلكوا؛ بل ركبوا سبيل الحق فاهتدوا، وقصدوا ما أمروا فنجوا. {قد أنزل الله إليكم ذكرا}، معنى {أنزل} فهو: أظهر وأرسل إليكم به.

  {ذكرا ١٠ رسولا} فهو: مذكر يتذكر به من تذكر، ويؤمن به من اعتبر، ويقبل تذكرته في أمره من أبصر. {رسولا}، يقول: مبعوثا مرسلا مبينا، أي: مؤديا، يقول: أرسله بالرسالة النيرة، والحجة البالغة التي يتلوها عليكم، ويقيمها بينكم وفيكم؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {يتلو عليكم آيات الله مبينات}، يعني {يتلو عليكم} فهو: يقرأ عليكم، ويظهر بينكم {آيات الله}، ومعنى {آيات الله} فهو: رسالات الله وفرائضه، وما جعل عليكم وافترض من دينه، وأقام فيكم من حقه ويقينه. {مبينات} فهي: ظاهرات واضحات، مكشوفات نيرات، قد ثبت براهينها أنها من عند ربها، وصح بالمعجزات أنها من الله سبحانه؛ ثبتت ذلك البراهين النيرات، والآيات المعجزات، اللواتي لا تكون إلا من الله سبحانه، لا تأتي إلا عن الله. {ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات الى النور}، معنى {ليخرج} فهو: ليخلص أهل الإيمان والتقوى، بما يأتي به من الدلالات والهدى، التي يستدل بها المستدلون، ويعلم بها العالمون،