سورة التحريم
  وسريته مارية القبطية في بيت عائشة بنت أبي بكر، فاطلعت عليه، وصاحت وألاحت، وقالت: في منزلي، وعلى فراشي، وفي موضعي. فاغتم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله واحتشم، وداخله في ذلك من الحياء ما داخله معه من الندم، فقال صلى الله عليه وآله لها: «اسكني يا عائشة؛ فإني لا أعود إليها»، ثم قال #: «والله لا دنوت منها أبدا»؛ حياء منه صلى الله عليه وآله وتكرما، وكراهية للائمتها وتسلما؛ فعاتبه الله ø فيما حرم من جاريته، وأمره بتكفير اليمين التي أقسم بها في غشيان سريته، مع ما عاتبه فيه في تحريمها على نفسه، ومعنى تحريمه لها فهو: قسمه بالله لا يغشاها؛ فسمى الله تبارك وتعالى اعتزاله لها، وقسمه فيها: تحريما من رسول الله صلى الله عليه وآله على نفسه؛ إذ كان بقسمه تحريم ما كان يحب من الدنو منها، الذي جعله الله له حلالا فيها، فأنزل الله سبحانه: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم}، فأمره سبحانه بتحليل يمينه.
  معنى: {قد فرض الله لكم} فهو: جعل الله لكم، وحكم بتحلة أيمانكم، معنى {تحلة} فهو: كفارة أيمانكم، التي تحل لكم بالكفارة ماكنتم حرمتموه بالقسم على أنفسكم، فمعناها: حلفكم بالله وقسمكم. {والله مولاكم}، يقول: والله وليكم، والفاعل لما يشاء بكم وفيكم. {وهو العليم الحكيم} فهو: العالم بسرائر القلوب، المطلع على كل مستترات الغيوب. {الحكيم} فهو: المتقن لكل ما دبر، المحكم لكل ما قدر؛ فأخبر تبارك وتعالى أنه جعل لنبيه صلى الله عليه وعلى آله كفارة يمينه، وكفارة اليمين بالله تبارك وتعالى فهو: ما ذكر الله سبحانه من إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام لمن لم يجد؛ وذلك قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم