سورة التحريم
  أخرجكن من حباله وترككن. {أن يبدله أزواجا}، يريد: أن يجعل بدلكن له أزواجا، ومعنى {أزواجا} فهو: زوجات ونساء. {خيرا منكن}، ومعنى {خيرا منكن} فهو: أفضل منكن، يأمن إفشاء [هن] عليه سره من أزواجه، وأظهر عليه أمره من نسائه. {مسلمات} فمعناها: مستسلمات إلى الله، ومعنى مستسلمات فهو: مسلمات أنفسهن إلى الله، ومعنى مسلمات أنفسهن الى الله فهو: مفرغات أنفسهن في طاعة الله، غير مشتغلات بشيء سوى مرضاة الله. {مؤمنات} فمعناها: مؤمنات لأنفسهم، بصالح أعمالهن من عذاب ربهم. {قانتات}، فالقانتات فهن: الداعيات المستغفرات، الذاكرات لله، المنيبات لله؛ وأفضل قنوتهن ودعائهن فهو: ما يكون منهن في أدبار صلاة الصبح المفروضة عليهن من القنوت، بما فيه من الدعاء من القرآن، الذي نزل من عند الواحد الرحمن. {تائبات} معناها: راجعات إلى الله، خارجات مما كن عليه من الدين، مصدقات للرسول المبين، مقرات بالتوحيد للمحقين. {عابدات} فهو: المطيعات لله المتقيات، المواضبات على طاعة الله المؤمنات. {سائحات}، فالسائحات فهن: المهاجرات الى الله ورسوله، التاركات لأهل الكفر والجحدان، المهاجرات إلى دار السلام والإيمان. {ثيبات} فهن: اللواتي قد تزوجن وعقلن، وفهمن وكمل أدبهن، وباشرن الأشياء، حتى عرفن ما يصلح للأزواج من الخدمة والقيام، والمعاشرة والإكرام؛ فذكر الله سبحانه تبديل نبيه # من الأزواج الثيبات؛ لما ذكرنا من فضلهن على الأبكار بالخدمة للأزواج، والاصطبار والمعرفة بحسن العشرة؛ فأراد بذكرهن في هذه الحالة: ما ذكرنا من منافعهن، وإجلالهن لأزواجهن؛ لما هن عليه من التجريد والمعرفة بما لا تعرفه البكر، بحسن القيام للبعل في كل أمر. وأراد بذكر الأبكار، فقال: {وأبكارا}: ما الأبكار عليه وتشتمله من لذاذة القرب، والحلاوة على القلب؛ لما هي عليه من الغرة والصبا، والاستطراف من الزوج لها في كل معنى.