تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التحريم

صفحة 170 - الجزء 3

  ثم قال سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}، معنى {يا أيها الذين آمنوا} فهو: مناداة من الله ø للمؤمنين، وأمر منه لعباده الصالحين. {قوا أنفسكم}، فمعنى {قوا أنفسكم} أي: كفوا عن أنفسكم، فادفعوا عنها وعن أهليكم. {نارا}، ومعنى دفعهم للنار عن أنفسهم وعن أهليهم فهو: تعليمهم لأهليهم ما فيه نجاتهم، وتوقيفهم على ما أمرهم به ربهم، و تحذيرهم عما نهاهم عنه سيدهم، فإذا فعلوا ذلك بأنفسهم وبأهليهم كانوا بما أخرجوا به أنفسهم وأهليهم من الضلالة الى الهدى، ومن الباطل إلى التقوى - واقين للكل من النار والعذاب، مستوجبين بذلك لما وعد المؤمنون من الثواب. {وقودها الناس والحجارة}، فمعنى {وقودها} فهو: حطبها، وما به تأجج في استيقادها. {الناس} فهم: الإنس، {والحجارة} فهي: الحجارة المعروفة من الصخور والجبال، وقد قيل: حجارة الكبريت. وأي ذلك كان فهي حجارة كما ذكر الرحمن وقودا لما جعل الله من النيران. {عليها ملائكة}، فمعنى {عليها} أي: خزنة جعلت عليها، وقومة فيها، تصب الحميم على رؤوس أهلها، وتعذب من صار فيها، كما قال سبحانه: {ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم}⁣[الدخان: ٤٨]، فهم عليها موكلون، وبتعذيب من فيها من الثقلين مأمورون، وهم À بها قائمون، ومن ألمها وحرها وعذابها سالمون، لا ينالهم فيها حر ولا تعب، ولا يصيبهم فيها غم ولا نصب. {غلاظ شداد}، ومعنى {غلاظ} فهم: فظاظ، والفظاظ فهم: الذين لا رحمة في قلوبهم لمن يعذبونه، ولا رقة عندهم على من يصلونه. {شداد} فهم: الأقوياء في أبدانهم، الأشداء في استطاعتهم، المقتدرون على كل أمرهم. {لا يعصون الله ما أمرهم} معناها: لا يخالفون الله. {ما أمرهم} معناها: فيما أمرهم، ومعنى {أمرهم} فهو: ما يأمرهم به من تعذيب