تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التحريم

صفحة 171 - الجزء 3

  المعذبين، وإيصال الوعيد إلى الفاسقين. {ويفعلون ما يؤمرون} معناها: يصيرون الى ما جعلوا له، ويمضون ما أقيموا فيه، ولا يعصون آمرهم، ولا يخالفون جاعلهم، ولا يتكلفون أمرا يأتون به من أنفسهم، فهم لأمر الله مسلمون، وبه في كل الأسباب مؤتمرون.

  ثم ذكر سبحانه اعتذار الكافرين في يوم الدين، عند وقوع الحسرة والندامة بالفاسقين، فقال تبارك وتعالى: {يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم}، معنى {يا أيها الذين كفروا} فهو: نداء من الله وتوقيف، لأهل الكفر من الناس وتعريف، و {الذين كفروا} فهم: الذين أساؤوا وظلموا. {لا تعتذروا} ولا تحدثوا توبة، فلن تقبل لكم، ولا تبدوا من القول ما لا ينفعكم. {اليوم} فهو: يوم القيامة. {إنما تجزون ماكنتم تعملون}، معنى {تجزون}: تعطون وتدانون؛ فأخبر سبحانه: أنهم لن يجازوا إلا بفعلهم، ولن ينالهم عذاب إلا بعملهم، وذلك قوله: {ماكنتم تعملون}، يقول: جزاكم ما كنتم تعملون.

  ثم ذكر سبحانه حال المؤمنين، وأمرهم بما أمر به من كان قبلهم من المتقين، فقال: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا}، معنى {يا أيها} فهو: أمر من الله للمؤمنين، يريد: يا أيها الذين. ومعنى {الذين آمنوا} فهم: الذين اتقوا وأحسنوا إلى أنفسهم، حتى أمنوا عقاب ربهم. {توبوا إلى الله}، معنى {توبوا} أي: أخلصوا التوبة إلى الله، والعمل الصالح لله. {توبة نصوحا}، يقول: أخلصوا لها اخلاصا {نصوحا}، ومعنى {نصوحا} فهو: خالصا ثابتا، يقول: أخلصوا له. {عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم}، معنى {عسى} فهو: إيجاب من الله لمن تاب توبة نصوحا أن يقبل منه توبته، ويكفر عنه سيئاته، وهي: كلمة تشبه الشك، وهي: كلمة تستعملها العرب في إيجابها للشيء، وتصحيحها له. {أن يكفر}، معنى {يكفر} فهو: يغفر ويهب، ويصفح عن سيئاتكم، والسيئات فهي: الخطايا الموبقات. {ويدخلكم جنات تجري من تحتها