تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التحريم

صفحة 172 - الجزء 3

  الأنهار}، يقول: إذا كفر عنكم سيئاتكم أدخلكم جنات، والجنات فهي: دار النعيم والكرامات، والحالات القيمات، ذوات الثمار والأنهار. {تجري من تحتها الأنهار}، يقول: تجري من تحت الأشجار - أشجارها وثمارها، ودورها وقصورها - الأنهار، فهي فوق الأرض سائلة، ومن تحت ما ذكرنا جارية، والأنهار فهي: الغدر والمياه المتفجرة بعضها من بعض. {يوم لا يخزي الله النبي}، واليوم الذي لا يخزي الله فيه النبيء فهو: يوم القيامة، ويوم الحشر للمؤمنين والسلامة، والشقاء للكافرين والندامة. {لا يخزي} فهو: لا يفضح ولا يسوء؛ بل تفلح حجته، وتظهر فيه كرامته. {والذين آمنوا معه}، يقول: والذين آمنوا أيضا مع رسولهم لا يخزون، ولا يرون ما يسوؤهم ولا يردون؛ بل يرون السرور في ذلك اليوم من ربهم، ويتنجزون مواعيدهم من خالقهم. {معه} فهو: مع الرسول صلى الله عليه وعلى آله. {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم}، معنى {نورهم} فهو: برهانهم، وما جعله الله سبحانه من حجة الإيمان لهم ومعهم، ومعنى {يسعى} فهو: تظهر بين أيديهم {وبأيمانهم}؛ فهو: يتبين براهين الدلالات، وكرامات البشارات؛ فهو ظاهر لا يخفى على الناظرين، ولا يتغيب عن المبصرين. {يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير}، معنى {يقولون} فهو: يسألون ويطلبون. {ربنا}، يعني: يقولون يا إلهنا، وخالقنا ومالكنا، {أتمم لنا نورنا}، يريدون بذلك: أتمم لنا ما قد أعطيتنا من هذا النور، وظهور الحجة، وكرامات البشارة، بإيصالنا إلى ما وعدتنا من دار كرامتك، والخلاص من موقف حسابك. {واغفر لنا} هو: ارحمنا، وتجاوز عما كان منا. {إنك على كل شيء قدير} معناها: إنك على كل ما تريد مقتدر، ومعنى مقتدر فهو: قادر فاعل؛ فكان ذلك من قولهم إقرارا لربهم بالقدرة، وتقديسا منهم واجلالا، وتبجيلا وتعظيما، وهيبة في كل حال.

  ثم أمر نبيه صلى الله عليه وعلى آله: بجهاد من عند عن الله من الكفار