تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة التحريم

صفحة 174 - الجزء 3

  عليهما، فقال سبحانه في ذلك: {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين}، فضرب الله هذا المثل لجميع الكافرين، الذين لهم أولياء صالحون، من قريش وغيرهم من الناس أجمعين؛ فأخبر بما ضرب من ذلك: أن الولي الصالح لا ينفع عند الله غدا وليه الطالح، وأن ليس من الله نجاة إلا بالعمل الصالح، وبالتوبة النصوح، وبالرجوع إلى الله في كل فعل أو قول، سرا وعلانية، وأن حال من كان كذلك كحال امرأتي نوح ولوط صلى الله عليهما، لما خانتا نوحا ولوطا صلى الله عليهما، فصارتا بخيانتهما إلى النار، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، معنى: {تحت عبدين} فهو: عند عبدين {من عبادنا}، يقول: من عبيدنا. {صالحين} فهما: مؤمنين تقيين، {فخانتاهما} فهو: عصتاهما، وصارتا إلى مضادتهما، ومعاندتهما في ما حرمه الله عليهما، من مخالفتهما فيما عصتا ربهما، بخيانة ولييه استحقتا النار، بعصيانهما الجبار. {فلم يغنيا عنهما من الله شيئا}، {فلم يغنيا} معناه: فلم ينفعاهما، ولم يدفعا منهما شيئا مما نزل بهما من عذاب ربهما. {وقيل ادخلا النار}، معنى {قيل} فهو: حكم عليهما، فأوجب العذاب. {ادخلا النار مع الداخلين}، يقول: صيرا إليها، وحلا فيها، وادخلا مع الداخلين، وكونا من سكانهما يوم الدين.

  ثم ضرب الله سبحانه مثلا للمؤمنين، الذين يكونون مع الأولياء الفاسقين، فقال: {وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ١١ ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتابه وكانت من القانتين ١٢}، معنى {ضرب الله مثلا} فهو: جعل مثلا ضربه للمؤمنين، الذين هم مع الأولياء الطالحين الفاسقين؛ ليخبرهم أن ضلال أوليائهم ليس بضار لهم، إذا أخلصوا لله نياتهم، وقدموا التوبة إلى ربهم، كما لم يضر امرأة