قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}
  رجوما للشياطين}، معنى {جعلناها} هو: قدرناها وأعددناها. {رجوما} فهي: مراجم يرجمون بها، ومرام يرمون بها؛ والشياطين فهم: الأبالسة من مردة الجن المستجنين. {وأعتدنا لهم عذاب السعير}، يقول: أعتدنا لمن كان مرجوما منهم. {عذاب السعير} فهو: عذاب الجحيم، والجحيم فهي: جهنم؛ وبئس المصير.
  ثم قال سبحانه: {وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير}، يقول: {للذين كفروا بربهم}: كل كافر من الجن والإنس، و {عذاب جهنم} فهو: أغلالها وسعيرها، وسلاسلها وحريقها وبلاؤها، وجهنم فهي: النار. {وبئس المصير} معناها: شر موئل يؤول فيه، ومصير يصار إليه.
  {إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا}، فمعنى {ألقوا فيها} هو: طرحوا فيها، وصيروا إليها. {سمعوا لها شهيقا}، يقول: سمعوا لها زفيرا، والزفير فهو: الشهيق، والشهيق فهو: الزفير، والزفير فهو: الحنين والتأجج العظيم الكبير، الذي يهول سامعه ما يسمعه من حنينه، فضلا عن مقاربته ومباشرته. {وهي تفور}، معنى {تفور} هي: تغلي بأهلها، وتقلبهم في أعالي لهبها، ترفعهم تارة وتضعهم، وتشويهم تارة وتفسخهم.
  {تكاد تميز من الغيظ}، معنى {تميز}: تكاد تتقطع قطعا من الغيظ على من عصى، وتولى عن أمر الله وأبى، ومعنى {الغيظ} فإنما هو: مثل من الله تبارك وتعالى ضربه فيها، يريد جل ذكره: أن فعلها بأهلها، من أكلها لهم وإحراقها، وعظيم ما جعل الله فيها، وركبها عليه من الفوران والاتقاد، وسرعة الإحراق لما يقع فيها - بالمتغيظ المحسر، الغضبان الذي قد داخله من الغيظ أمر؛ فشبه الله سبحانه أمر جهنم وتأججها، وحركتها وحسها، وفعلها بمن طرح فيها - بفعل المغتاظ الغضبان؛ لا أن جهنم تغتاظ ولا ترضى، ولا تميز بين من أطاع ولا بين من عصى، غير أن الله ø قد ركبها، وجعلها نقمة محرقة لمن وقع فيها،