تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}

صفحة 184 - الجزء 3

  مستخف بالليل وسارب بالنهار ١٠}⁣[الرعد]، يقول سبحانه: إنه عالم بكل ما يكون من سر أو علانية، وإنه لا يخفى عليه من الأمور خافية.

  ثم قال سبحانه: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، يريد بقوله: {ألا يعلم من خلق} أي: كيف لا يعلم سبحانه ما قد خلقه، ويطلع على سر من فطره، وهو أعلم به من نفسه، وأعلم بسره وعلانيته؟! ومعنى {يعلم من خلق} فهو: سر من خلق. {وهو اللطيف الخبير}، واللطيف فهو: البر بخلقه، المتفضل عليهم برزقه، المان عليهم بمرافقه، والخبير فهو: العليم الخابر بكل أمورهم، العارف بكل أسبابهم، الذي لا يغيب عنه شيء من أفعالهم.

  ثم دل سبحانه على نفسه، ونبه الخلق على معرفته؛ لما فطر من فطره، وجعل من جعائله وصنعه، فقال جل ثناؤه: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}، تفسير {الذي} فهو: دلالة عليه سبحانه دون غيره. {جعل لكم الأرض ذلولا}، أي: هو سوى لكم، وجعل لكم الأرض، أي: قدرها، ودحاها وسواها {ذلولا}، والذلول فهي: المطية السامحة، التي لا تمتنع مما يفعل بها، ولا تدفع شيئا عن نفسها؛ فشبه الله ø الأرض في انبساطها ووطائها، واستوائها بأهلها - بالذلول من الإبل التي لا تمانع ربها، ولا تخالف في شيء مما يراد بها. {فامشوا في مناكبها}، يقول: سيروا في جوانبها؛ لأن المناكب هي: الجوانب والأطراف. {وكلوا من رزقه}، ومعنى {كلوا} أي: اطعموا وتنعموا {من رزقه}، أي فهو: من فضله وعطائه، وما أخرج من ثمرات أرضه. {وإليه النشور}، يقول: وإليه معادكم، و إليه نشوركم؛ فإذا أراد سبحانه أن ينشركم نشركم، ومعنى النشر فهو: البعث والحشر.

  {ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض}، معنى {ءأمنتم} هو: إخبار من الله ø عن قدرته، وإخبار منه أنه لا يأمن أعداؤه أخذ نقمته؛ ومعنى {ءأمنتم} فهو: أيستم أن يخسف بكم الأرض؟! {أن يخسف بكم