تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}

صفحة 185 - الجزء 3

  يقول: أأمنتم إلهكم أن يخسف بكم الأرض؟! وأيستم من أخذه لكم؟! معنى {من في السماء} فهو: الله الواحد الذي هو في الأرض كما هو في السماء، لا يخلو منه مكان، وهو الله الواحد ذو العزة والسلطان، وقوله {يخسف بكم} أي فهو: تذهب وتميد بكم الأرض، حتى تذهب بكم في بطنها، وتصيركم في قعرها. {فإذا هي تمور}، يقول: إذا هي تذهب بكم ذهابا، وتهبط بكم في بطنها هبوطا، ومعنى {تمور} فهي: تنخسف وتغور.

  {أم أمنتم من في السماء}، يقول: {أم أمنتم من في السماء}: من هو في كل مكان من السماء وغيرها، وهو الله الخالق لها ولغيرها. {أن يرسل عليكم حاصبا}، فمعنى {يرسل} أي فهو: يصيبكم، ويرمي بالحاصب عليكم، و الحاصب فهي: الحجارة، التي تحصبهم كما حصب قوم لوط فرماهم بالحجارة، فيقول سبحانه: أمنتم أن يرميكم بها، كما رمى من كان قبلكم بمثلها؟! {فستعلمون كيف نذير}، يقول: ستعرفون كيف كان إنذاري وإعذاري لكم، وتحذيري لما ننزل بكم من بعد نزوله بساحتكم، وحلوله بأهل المعاصي منكم.

  {ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير}، ومعنى {ولقد} فهو: إيجاب لما كان منهم، بتكذيب من قبلهم، فمعنى {كذب} فهو: جحد واستهزأ، ولم يوقن فيصدق بما جاء من الهدى. {الذين من قبلهم} فهم: الأمم الذين كانت قبل هذه الأمة. {فكيف كان نكير}، يقول: قد رأيتم وأبصرتم كيف كان نكيري عليهم، ومعنى نكيري فهو: تغييري وعقوبتي، وما أحدثه وما أخذوا به من نقمتي، على ما اجتروا عليه من مخالفتي.

  ثم نبه سبحانه على نفسه: بالطير الذي لا تكون إلا منه، ولا يقدر عليها أحد إلا هو؛ احتجاجا بذلك عليهم، وتأكيدا لحجته فيهم، ثم قال سبحانه: {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن}، فقال سبحانه: {أولم يروا إلى الطير}، معنى {أولم يروا} فهو: ألم ينظروا ويبصروا {إلى