تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}

صفحة 186 - الجزء 3

  الطير} الطيارة، ذوات الأجنحة، التي تطير في الهواء، وتصف فوقهم، فهي في الهواء فوق رؤوسهم، و {صافات} فمعناها: صافات أجنحتهن، وصفها لأجنحتهن فهو: نشرها وتسكينها حتى تهدأ وتسكن، حتى تكون كالشيء المنشور في الهواء، لا يتحرك منها أسفل ولا أعلى، فحينئذ يسمى ما فعل ذلك من الطير صافا. {ويقبضن} فهو: يضممن أجنحتهن إلى جنوبهن، ويخفقن بها تحريكا في طيرانهن. {ما يمسكهن}، أي: ما يلزمهن في الهواء، ويمنعهن إلا الله العلي الأعلى، ومعنى إمساكه إياهن فهو: بما جعل وقدر لهن، من الريش الذي جعلهن به طائرات، وفي الهواء واقفات صافات، ودبر فيه وبه طيرانهن، وجعله حاملا لأبدانهن، وموقفا في الهواء لأعضائهن؛ فلما كان ذلك منه وبه فيهن ذكر أنه سبحانه هو الممسك لهن، و {الرحمن} فهو: الرؤوف المتفضل ذو الإحسان. {إنه بكل شيء بصير}، معنى {إنه بكل شيء} معناها: لجميع الأشياء، من فعل أو جسم. {بصير} فهو: عليم.

  {أمن هذا الذي هو جند لكم}، معنى {أمن هذا الذي هو جند لكم}: فهذا تقريع من الله لهم وتوبيخ، وإعلام: أنه لا جند من دونه لهم ينصرونهم منه، والجند فهم: الأعوان، من الأنصار والإخوان. {ينصركم}: يمنعكم، ويقوم دونكم ينصركم. {من دون الرحمن}، يعني: دون أمر الرحمن، يريد: من هذا الذي ينصركم من دون أمر الرحمن إن نزل بكم؟! {إن الكافرون إلا في غرور}، يقول: ما الكافرون إلا في اغترار وباطل، وخديعة من الشيطان لهم، وتماد في باطلهم.

  ثم قال سبحانه: {أمن هذا الذي يرزقكم من السماء إن أمسك رزقه}، يريد: أمن هذا الذي يرزقكم، ومعنى {يرزقكم} فهو: يسبب لكم رزقكم، ويخرج لكم من الأرض معائشكم. {إن أمسك رزقه}، يقول: إن منعكم الله رزقه وأمسكه عنكم، فلم تخرج الأرض نباتها، ولم تسكب السماء منها ماءها،