قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}
  حتى تموتون جوعا؛ فمن يأتيكم بالرزق إن أمسكه؛ فلن يأتي به أحد بعده. ثم قال سبحانه: {بل لجوا في عتو ونفور}، معنى {بل} فهو: قد، والعتو فهو: العنود والتكبر، والإعراض عن الله والتحير، والنفور فهو: الإعراض والصدود، وقلة الإقبال على الحق، والتمادي في الفسق.
  {أفمن يمشي مكبا على وجهه}، يقول: يمضي على جهل، ومعنى {يمشي مكبا على وجهه} يقول: يمضي على جهل من أمره، ويعمل في غير صواب من عمله. {أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم}، {يمشي سويا} معناها: يمضي معتدلا مستويا. {على صراط مستقيم} معناها: على طريق مستقيم، أراد سبحانه: التمييز بين من يمشي مكبا على وجهه، ماضيا على الخطأ من فعله، مجنبا عن سبيل رشده، وبين من كان على هدى من ربه، وسبيل من رشده، لا يخطئ في أمره، ولا يعرج عن سبيل حقه؛ فأخبر بذلك سبحانه: أن من كان من أهل الضلالة والردى - هم كمن يمشي مكبا على وجهه في غير هدى، وأن من كان من أهل التقوى - كالآخر الذي يمشي على الصراط المستقيم والاستواء؛ وهذا مثل ضربه الله العلي الأعلى، يفرق به بين أهل الضلالة والهدى.
  ثم أخبر سبحانه بالدلائل عليه، فقال: {قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}، معنى {قل}: أخبر وأنذر، وكلم وبين: أن الله هو الذي أنشأكم، ومعنى {أنشأكم} أي: هو خلقكم وأنبتكم، وفطركم وأوجدكم. {وجعل لكم السمع}، معنى {جعل} أي: ركب ربكم {لكم}، أي: فيكم، يقول: خلق لكم السمع الذي به تستمعون، وهي الآذان التي بها تسمعون، {والأبصار} فهي: العيون التي بها تبصرون، {والأفئدة} فهي: القلوب التي بها تعقلون. {قليلا ما تشكرون}، يقول: قليلا شكركم، على ما أوليناكم من ذلك وأعطيناكم.
  {قل هو الذي ذرأكم في الأرض}، فأمر سبحانه أن يحتج بذلك عليهم؛ إذ