تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}

صفحة 188 - الجزء 3

  هو فعل فيهم من ربهم، ومعنى {ذرأكم} فهو: أنبتكم وأخرجكم وأوجدكم، وخلقكم وثبتكم، {في الأرض}. {وإليه تحشرون}، يقول: إليه ترجعون بعد موتكم، في يوم حشركم، وحين وقت بعثكم.

  ثم أخبر سبحانه بما يقول الكافرون، ويتداعى به المكذبون، فقال سبحانه: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}، معنى {يقولون} هو: يلفظون ويتكلمون، ويمترون ويسألون. {متى هذا الوعد}، أي: متى هذا الوعد الذي به توعدوننا، وبأسبابه تخوفوننا؟! إنكارا منهم لوعد الله ووعيده، وقلة إيمان بقوله. {إن كنتم صادقين}، أي: تقولون ائتوا به إن كنتم من الصادقين، معنى «إن كنتم من الصادقين» أي: إن كنتم من الوافين بوعدكم، المحقين في قولكم.

  ثم أمر نبيئه صلى الله عليه وعلى آله: أن يرد العلم في ذلك إليه، فقال: {قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين}، فمعنى {إنما العلم عند الله} أي: علم غيب ما تستعجلون به، وتكذبوننا في ذكره عند الله، إذا شاء أنزله، وإذا شاء أمسكه. {وإنما أنا نذير مبين}، فمعنى {نذير} أي: محذر معذر. {مبين} معناها: بين القول، ظاهر الإعذار، مبين للحق من الله، مبلغ لرسالات الله، لا آتيكم بعذاب، ولا أصرف عنكم عقابا، ولا عن نفسي أصرف ما أرادني به ربي، وإنما أنا رسول من رسله، أبلغ ما أمرني به.

  {فلما رأوه زلفة}، معنى {فلما} أي: فهو حين {رأوه} فهو: أبصره وعاينوه، {زلفة} فهو: معاينة مقاربة، ومداناة مواجهة. {سيئت وجوه الذين كفروا}، معنى {سيئت} أي: اسودت، ومعنى «اسودت» فهو: نزل بها السوء وحل بها، وعاينت وواجهت ما كانت به مكذبة، ومعنى {وجوه الذين كفروا} هم: الكافرون في أنفسهم، لا أن السوء نزل بالوجوه دون الأبدان؛ بل الوجوه والأبدان، وسائر أعضاء الإنسان؛ وفي ذلك ما تقول العرب في أشعارها: